رهف : كل عام وانت بالجنة !

خواطر
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times
اليوم كان من المفترض   أن تطوي أختي رهف " عليها رحمة الله " عاما جديدا من حياتها , وتستقبل عاما اخر.
اليوم كان من المفترض أن أهاتف "رهف "  مهنئا
قائلا  :  كل سنة وأنت سالمة !  عيد ميلاد سعيد .
وكان سترد علي كعادتها :  تقبرني  ...أنت حياتي ,  اشتقتلك روحي ,   ما بدك تجي لحلب ؟ 
وكنت سأرد :  إن شاء الله تخلص المشاكل وأنزل لحلب ,  أنا كمان اشتقتلكم , اشتقت  لحلب وأهلها.كيف الأمور عندكن ..؟ 
وكانت سترد : الحمدلله  , عايشين من قلة الموت !
 
المفترض لم يحدث ,وهاتف "رهف"  لم يرد . 
 
الموت بجبروته , والقدر بمشيئته  , اتخذ  قرارا,  ونفذه غير ابه بمشاعرنا وأمنياتنا. 
 
رهف ياملاك من الجنة عاد اليها  :
 
قلتي لي :  "عايشين من قلة الموت "! 
 
لكن  الموت لم يعد  قليلا في حلب,  فقد أصبحت حلب طاحونة يومية للموت .   
 
قلتي لي : "اشتقتلك " , 
 هاهو الاشتياق يتحول ا إلى لوعة وفراق ابدي. 
 
قلت لي : " تقبرني "
و لا أدري اذا كانت هذه أمنية , أم رغبة , ام دلال , ام نبوءة !
 
ولكني ككل سوري عجزت  حتى عن  أن أقبر" أدفن "  أختي المتوفاة,  في مدينتي المنكوبة , كما كانت تنبئني , تدللني  , ( تتمنى ) في كل مرة  أهاتفها .
 
فقدت رهف, وفقدت حياتها وروحها  في ليالي حلب المظلمة ’ الظالمة  , وربما المظلومة! .
 
كل ما بقي من رهف  في الهاتف  رقم , ونصوص محفوظة لمحادثاتنا , وصور لذكريات توقف عندها الزمن يوما ما.
 
رحلت رهف , منذ أشهر رحيلاَ أبدياَ , ولكنها لا زالت حية في الوجدان تحضر معي كل يوم , تحضر في كل خبر يأتيني  من بلدي الذبيح ,  ومن مدينتي المنكوبة . 
 
رهف ضحية للنكبة الحلبية  , واحدى ضحايا العنف البشري ,
 
قتلوا روحها  حسرة وفرقة , ورفض للخنوع , قبل ان يعدموا جسدها .
انتزعوا الضحكة من أيامها,  وشوهوا البسمة البريئة  على شفاهها .  
 
شيطنة العالم لم تبتدئ بموت رهف , ولن تنتهي برحيلها , هي كانت فقط احدى ضحاياها .
نالت عقوبة كل من يحطم أسوار الخوف في هذا الزمن الموبوء , الفاجر,الغادر, اللئيم , المتجبر. 
 
رحلت رهف وتركت لي : عيون دامعة , روح غاضبة , بسمة مسروقة , ضحكة مكتومة , محبة لا تمحى . ذكريات لاتنسى , مع بقايا ذكريات وأحلام .