كعادة تلك الأرض الطيبة ارض الأنبياء ومهد الرسالات السماوية ومنبع الأبجدية والحضارة والثقافة تهدي غرسات المحبة والتسامح والتآخي إلى كل العالم وربما كان قدر ايطاليا أن تحتضن كل من يحمل غصن زيتون فيثمر فيها بزرته الحضارية حبا
وليس هذا غريبا على هذا البلد الأوروبي العريق فقد سبق وان احتضن تعاليم السيد المسيح فأشرقت منها شمس المحبة والتسامح
"صلاح محاميد" ذو الجذور الفلسطينية من ارمجدون التوراتية ومجيدون الكنعانية من قرية " أم الفحم " استوطن في ايطاليا . منحته حق الإقامة والمواطنة فمنحها علمه وأدبه وفنه ن احتضنته فأورق بها وأثمر.
في قصائد صلاح نلمس الصدق والعفوية والوصول إلى أغوار النفس البشرية بسلاسة كيف لا وقد فطر على الشعر وصقله بدراسته علم النفس.
الشعر هو تعبير عن النفس ومكنوناتها فن لبث المشاعر وإيصال الأحاسيس، وعلم النفس هو كيفية فهم الأخر وقراءة أغواره وكشف أحاسيسه ، والتزاوج بينهما بين علم النفس وفطرة الشعر ، يولد نصوصا مصقولة فيها جمال الفطرة وصدقها وفن وعلم التعبير .
وكما أتى ايطاليا حاملا الهم الإنساني فقد أتى هنا بيننا في بوخارست ومكث معنا عدة أيام ، تحدث لنا فيها عن تجربته الشعرية والفكرية والاغترابية وشرح لنا معاناة الإنسانية ومأساة الغربة والرحيل وحب الوطن والغوص في ذكرياته.
في البداية يروي لنا صلاح ذكرياته عن الاحتلال فيقول كان المحتل بالنسبة لي في بداية حياتي أسطورة ووهم كنت انظر إليه نظرة إعجاب و تفوق وخوف من مجهول ووهم كبير ، إلى أن التقيت في احد المرات ضابطا في الجيش الإسرائيلي وبعد نقاشي المطول معه خرجت من مكتبه وأنا أشفق عليه، بعد أن اكتشفت تفوقي الثقافي والحضاري والمعرفي. حينها أدركت أنني حطمت أسطورة التفوق وللأبد ، وأيقنت انني اننا نحن من يحق لهم ان يقولوا نحن شعب الله المختار.
لقد أشفقت عليه حين رايته يتقزم أمام حجتي ، وعدالة قضيتي، وخاصة انه لم يكن ينتمي إلى المكان الذي كان يجلس به ، واكتشفت ان نبتته كانت ضعيفة لان جذوره لا تنتمي إلى ارضي، حينها أحسست بأنه هو أيضا ضحية وان الجلاد هو لاعب سياسي محترف بلعب بكلانا .
هذه المقابلة كانت نقطة تحول في حياتي أعطتني لاحقا القوة على العطاء والمواجهة والثقة بالنفس في الغربة .
في الحلقة التالية سيحدثنا صلاح عن ايطاليا بداياته الشعرية التي انطلقت من الرسوم التشكيلية .
جان دارك للشاعرة الايطالية ماريا لويزا سباتسياني Mria Luiza Spazianai
بعد ان ترجم قصائد مختارة من ديوانها عبور الواحة ونشرت في عدة صحف عربية
يقطن في بلدة مادونا دي كامبيليو شمال ايطاليا
هاهو شاعرنا يتمرد على انتهاكات كان يصمت تجاهها لئلا يدنس طهارة اجوائه الشعرية من اجل مصالح دنيئة ولم لا فهو شاعر يمتلكه الاحساس ولايمتلك الا ان يتعالى ويتسامى عن الواقع
يقول في قصيدة له نشرت بالعربية وعلقت عليها الشاعرة ماريا لويزة سباتساني " ان جذور الشعر العربي قد اينعت فروعها في ايطاليا فهناك شاعر ايطالي كان قد ولد في فلسطين
لم يطرقوا الابواب
ام يستاذنوا العصافير العطور والنسمات
حرقتهم لوعة العدم
حينما من الشاعر البلاد
استباحوا عذل الفضاءات
سقطوا على حافة
ظلال قمر تائه
اطلوا على تراتيل انجبتها الصحراء
الشاعر هنا استعمل الالوان الميتافورية والمجازات الحساسة
انا سردت قصة ثائرة اوربية تعتبر رمزا للتضحية والايثار شاركنبي الشاعران ماجد ابو غوش وعبد الحكيم ابو جاموس في التدقيق اللغوي
20 سبتمبر كانت الصاعقة التي مستني فشلتني فكريا والدتي حربية زيتاوي التحقت بوالدي محمود كساب والدتي كانت تعبر في كل مناسبة عن اسمها في مواجهة الظلم
زرت الوطن بعد غربة 12 عاما وساعدتني على بناء المنارة " مسكني في الطابق الخامس كما كانت تسميه"
ادركت في وطني للعذاب المنابع
اثم خيانة جهل وخذلان فيه رائع
اطفات قلوب من نور الايمان بالله
صمت اذان لمعجزاته لاتسمع
باعوني في سوق النخاسين
(جين دي ليني) لي كان اول المشترين
كبيع الخراف في بلدتي
في ايار يعرضها للمتسوقين
جان درارك راعية بسيطة تعيد الى فرنسا كرامتها وتتوج ملكها وتموت على المحرقة
نشر صلاح اكثر من اثني عشر كتابا في الشعر والنقد ورويات في الحكمة والطب
تختلط الالفاظ الجذلة التي تدل على تمكن من اللغة ومفرداتها مع الكلمات العامية المحكية التي تصف ترجع القارء الى البساطة والسلاسة تمتزجان بطريقة متناغمة كما تتناغم الاصابع السوداء والبيضاء لعازف البيانو
صلاح حس مرهف يحمل الهم الانساني واخلاق كريمة
جان دارك هي كل فتاة فلسطينية تبحث عن اعادة الاعتبار لشعبها واعادة العرش لاسم بلدها
ماريا لويزا سباتسياني مديرة كلية الاداب في جامعات ايطاليا
ترجمت رموز الشعر العالمي للايطالية ورشحت لجائزة نوبل
1960 راى النور في مدينة ام الفحم
لوحات ميكيلي بيرتون رافقت نشره لديوانه الاول بالايطالية عام 1992
ترفقت اصدا ر كتبه مع رسوم لوحات للفنانة باولا بالمانو والفنان الياباني كييزو موروشيتا والفنان ارنيستو تريكاني
ولازمته ميلينا ميلاني في رحلته الفكرية
بالغة العربية اصدر شظايا الروح – الطفل الذي جلب السلام – فصيح كلام الاطباء في االفن ونهج الشعر
حجارة من القدس
الطفل الذي جلب السلام
هناك اسباب كثيرة تودك للبكاء ولكن يتوجب عليك ان توجد سببا واحدا للسعادة
السلام لايمكن ان يتحقق بصناعة السلاح
لديكم الملايين من الاسباب للخصام ولكن يكفيكم سبب واحد للمحبة
تعلموا ان تتعاملوا مع بعضكم
راقبو واسمعوا الطبيع
الله يظهر في جكال المحبة
كتاب يشرح ثقافة وتاريخ وحضارة يشرح شكل وجودنا
طفل يجول العالم ليعطي شعبه الخلاصة ان السلام والمحبة هي الحل
ارحل عن محيط الياسمين
اسحب دخانك من فضاء الفراشات
وليالينا الانيسة
ستنجو من قمر لن يراهن على محبيه
ومن زيتون لايساوم على سلامه
ومن طير لايفاوض على سمائه
الشعر : تلك الحالة حيث تتحرر الذهنية من ارتباطاتها بعلاقات الدنيا وحيث تتكامل الوظيفية العقلية لتتجلى عظمة الكينونة المسترسلة يإمتداد أنغام الكلمات المرصوفة.
حسام من أشعار
إطراء الهيئات الرسمية الإيطالية لملحمة الشاعر الفلسطيني صلاح محاميد .
إثر نشره باللغة الإيطالية أواسط ديسمبر الماضي لملحمة "سبادا دي فيرسي- حسام من أشعار", منشورات الزيتونة , تسلم الشاعر الفحماوي صلاح محاميد رسائل إطراء من العديد من المؤسسات الرسمية في إيطاليا ومن أهمها تلك المبعوثة من قبل أمانة رئيس الجمهورية والتي تفيد بأن:
" تسلم رئيس الجمهورية ديوان -حسام من أشعار - والذي تكرمت بإرساله له. يعبر رئيس الجمهورية عن عن تشكراته لهذا العمل الفني والذي ينضوي على محفزات لمشاعر عظيمة لكل من يتصفحه . يطيب لرئيس الجمهورية , عوضاً عن هذا, إرسال تحياته , المرافقة مع تبريكاته لبرامجك المستقبلية". توقيع روبيرتو غاليناري عن أمانة رئيس الجمهورية.
كذلك فقد قام رئيس الحكومة رومانو برودي وهو مؤسس تجمع الأوليفو-الزيتونة, بالكتابة للشاعر محاميد:" الدكتور العزيز صلاح,
وصلتني أشعارك والتي أستقبلتها بإمتنان وتثمين. أشكرك لهذه الخطوة المحترمة. لقد أسعدني معرفة أن رمز الزيتونة يجمع بينا. أنتهز الفرصة لتمني لك أعياداً سعيدة وسنة جديدة صافية. بصداقة وفيرة.
توقيع رومانو برودي " .
هذا وقد نشرت وسائل الإعلام عن هذه الملحمة الجديدة للشاعر الفلسطيني والتي قدم لها البروفوسور إينيو روسينيولي ورسمت لوحاتها الداخلية الفنانة باولا بالمانو , أمّا صورة الغلاف فهي للفنان العراقي رزاق الكبيرومن الجدير بالذكر ما كتبته الشاعرة الكبيرة ماريا لويزا سباتسياني عن هذا العمل :"
من أبعاد المفارقات الكثيرة هناك شاعر إيطالي كان قد ولد في فلسطين. أو يتوجب علينا القول: إن جذور الشعر العربي قد أينعت فروعها في إيطاليا؟
إذ أتساءل أحيي صلاح محاميد لهذه الأنشودة وفيها مرة ًأخرى ( بعد تعرفنا على قصائده السابقه المفعمة بالسياسة والمعاناة الإنسانية ), يصدح بصوته ذي النكهة الشعرية والصور الثرية بالألوان الميتافورية والمجازات الحساسة، بين أبياته يبرز اسمي . أتقدم بتشكراتي الحميمية المضاعفة لهذا الشاعر المُلهم"
صدر حديثاً كتاب جديد للشاعر والكاتب صلاح محاميد المقيم في إيطاليا بعنوان "فصيح كلام الأطباء في الفن ونهج الشعراء" عن جمعية الزيتونة الثقافية في بيلونو – إيطاليا، وبتقديم الشاعر الفلسطيني محمد حلمي الريشة.
الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات وقراءات مختلفة لأعمال أدباء وشعراء وفنانين وأشخاص عرب وأجانب هم (حسب الترتيب في الكتاب): فيتوريو زغاربي (الناقد والبرلماني الإيطالي)، سميح القاسم (الشاعر العربي الفلسطيني)، ماريا لويزا سباتسياني (الشاعرة والقاصة والمسرحية والباحثة الإيطالية)، مصطفى أحمد خضر (المحامي فلسطيني وصديق الكاتب)، أولغا روساكوفا (الشاعرة والفنانة الروسية)، إرنيستو تريكاني (الفنان التشكيلي الإيطالي)، أدونيس (الشاعر العربي السوري)، ميلينا ميلاني (الشاعرة الإيطالية)، هاري روزينتال (الفنان والنحات الإيطالي)، محمود درويش (الشاعر العربي الفلسطيني)، فرانتيسكو بيتراركا (الشاعر الإيطالي).
وقد جاء في تقديم الشاعر محمد حلمي الريشة: " تُتقِنٌُ اللَّحظةُ دوافعَ خَربشاتِها الجَميلة.. وتكشفُ، بعدَ عناءٍ واهمٍ وكريم، صورةَ الثَّأرِ من عَالمٍ يدورُ بها من مَركزٍ مُتحرِّكٍ تَغلي قِيامتهُ قاماتِ الفَرحِ البَعيدِ.. البعيدِ.. فأين تأخذينني أيتها (المفترضة) وأنتِ تَرشقينَ في حَلقي دَوائرَ الغُبارِ المُتَّصلةِ والمُتشابكةِ حلقةً.. حلقةً.. في إنائي القَريبِ.. القَريب؟ (...) أرتعشُ من أَسئلتي، ومن فَوضايَ المُرتَّبةِ كلوحةٍ شاردةٍ بعدَ مَساءين حَالمين ببراعةِ كَهربائكِ السَّاكنةِ في الدَّوائرِ وسَطوتها المُتحرِّكة في جَسدي – الشعر! (...) أتركُ الكتابَ وعَينايَ على بَريقهِ النَّاريِّ يُقيم حفلةَ الوَعدِ، غيرِ المُؤطِّر بالزَّمان المَجهولِ والمَكانِ المُبعثَر."
الجدير بالذكر أن الشاعر والكاتب صلاح محاميد هو من مواليد أم الفحم في العام (1960). تخرج في الطب والجراحة – قسم الطب النفسي في جامعة بادوفا الإيطالية، وأنشأ في العام 1992 جمعية الزيتونة في بلدة سان فيتو دي كادوري. نشر في العام (1994) ديوانه الأول بالإيطالية "حجارة من القدس"، وأصدر بالإيطالية كذلك "الطفل الذي جلب السلام" (1997) وبالعربية سنة (2003)، وديوان "شظايا الروح" (2001) وبالعربية سنة (2005)، وكتاب "إسلامي – يوميات حربية لشاعر فلسطيني يعيش في إيطاليا" (2002)، وسربية "قصيدة حب لامرأة" (2003)، ورواية "رحلة طبيب فلسطيني في شوارع العالم وطوايا الروح" (2004). يقطن حالياً في إيطاليا حيث يمارس مهنة الطب.
صدر مؤخرا عن منشورات الزيتونة، كتاب "ملحمة جان دارك" باللغة العربية، وقد نقل الملحمة عن الإيطالية الدكتور الشاعر صلاح محاميد، وهى من تأليف الشاعرة الايطالية ماريا لويزا سباتسيانى التى كانت رُشحت لمرات ثلاث لجائزة نوبل ويقوم الشاعر التونسى نور الدين صمود حالياً بإعادة صياغة هذه الملحمة لإصدارها بلباس آخر، لكنها تصدر فى صيغتها الحالية كما يذكر الشاعر محاميد فى المقدمة: كنت قد ودعت الدكتور نور الدين صمود فى مدينة نابل التونسية وكان قد سلمنى الملحمة بعد إدلائه بالملاحظات القيمة .
أما الشاعر الفلسطينى عبد الحكيم أبو جاموس فيكتب تحت عنوان "هذه الملحمة وهذا الشاعر" - كما جاء بموقع "العرب أون لاين" -: فى هذا العمل الجديد، حاول محاميد - كعادته - التجديد فى مقاييس الشعر، حيث لم تُكتب هذه الملحمة وفق نسق الشعر العمودى المتعارف عليه، ولم تستسلم القوافى كذلك لإدراجها الطوعى أو القسرى ضمن النسق المشهور، بل جاءت فى إطار مختلف قد يكون ضم هذا أو ذاك.
يذكر المؤلف أن هذه الملحمة تمخّضت عن حالة هذيان استمرت قرابة شهر، ويذكر أن التجربة قد سحبته لأيام طفولته، مستذكراً سرد الجدة آمنة، ومبارزته فى نظم الشعر مع ابن عمه أحمد، ويجزم أن تلك الإنتاجات لم تكن أشعاراً، وإلا ماذا كانت؟! قد تكون تلك الأبيات النابعة من ذهنية طفل بريء؟ لماذا وكيف نجحت الجدة آمنة بإيصال رسائلها لذهنية الحفيد؟!
صلاح محاميد فى هذا الكتاب الجديد، فى المحتوى والمضمون والأسلوب - وفقا لنفس المصدر - يحكى قصة الثائرة الفرنسية جان دارك التى أصبحت رمزاً للحرية والثورة والصبر والصمود وتعدّ محررة فرنسا، وأرى أنه قد اتّخذ منحىً تجديدياً فى الأدب حين أقدم على ترجمة كتاب جان دارك، ليقدم لنا ملحمةً جديدة مطعّمةً بتبادل ثقافى يدمج بين فكرين وحضارتين وأمّتين، بثوب شعرى مميّز وجديد أيضاً.
وفوق هذا وذاك فقد صاغ محاميد ملحمته بألفاظ فخمة جزلة وطعّمها ببعض الألفاظ والعبارات والكلمات والمصطلحات العامية أحياناً، بطريقة مقنعة سلسة، وليس فى سياق فجّ مقحم، ولم أستغرب حين علمت أن الشاعرة والقاصة والمسرحية والباحثة الإيطالية ماريا لويزا سباتسياني، قد أشارت بعد اطلاعها على إبداعات الشاعر محاميد، إلى أن شاعراً ايطالياً وُلد فى فلسطين أو أن جذور الشعر العربى قد بدأت تبرعم وتزهر وتطلق أغصانها فى ايطاليا.
يستشعر محاميد، هموماً إنسانيةً عالمية، ويرى جان دارك "فتاةً فلسطينية لم تزل تبحث عن طيف يعانق شمس الخلاص".
"جان دارك" هي إحدى الفرنسيات التي ارتبط اسمها ليس فقط بمقاومة المحتل البريطاني، وإنما بالمقاومة النسائية في العالم، ولدت جان دارك عام 1412م بمدينة "دومريمي" شمال شرق فرنسا، وتوفيت عام 1431م في التاسعة عشرة من عمرها بمدينة "روون" في إقليم نورماندي شمال البلاد بعد أن أحرقت قوات الاحتلال جسدها حية واتهموها بالإلحاد.
ترجع شهرة جان دارك إلى نجاحها في رفع حصار قوات الاحتلال الإنجليزية عن مدينة "أورليانز" الفرنسية عام 1429؛ حيث استطاعت جان دارك لقاء الملك الفرنسي "شارل السابع" بمدينة "شينون" وأقنعته بالمهمة العسكرية التي نذرت نفسها لها وهي تخليص أورليانز من براثن الإنجليز.
وتقدمت "جان" التي كانت تبلغ حينها 13 عاما على رأس جيش صغير وتمكنت من الانتصار في معركة بمدينة "باتاي" وطرد جيش الاحتلال من أورليانز، وعرفت جان دارك منذ ذلك الحين باسم "لابوسيل دورليانز" (La Pucelle d’Orlenas) أي عذراء أورليانز
قدرة الفلسطيني على الصمود تنحدر من الوضع النفسي المتردي الذي يتموضع الإسرائيلي فيه، وهو بهذا يكون أقوى من الإسرائيلي على الثبات والصمود. هذا ما أعنيه بالتفاعل المتبادل بين الذاتين المدركتين للعنف. وهو سر الصمود الفلسطيني وبذور تحقيق حق العودة.
عبّر الشاعر الفلسطيني المغترب صلاح محاميد عن هذه العلاقات بأبياته الشعرية الثاقبة حين كتب مخاطبًا اليهود في سربيته (ملحمة) شظايا الروح قائلاً:
"ماذا تريد؟
أكلما هب نسيم/على قاموس/ الفولاذ / والرصاص
أكلما / فاح عطر الياسمين / على هاوية المقصلة / والمحارق الايديولوجية
أكلما/ طار عصفورٌ / وبرعم البرقوق
أكلما / ابتسم طفل / وترعرع الزعتر / في مفاصل / صخرة مشاريعك
أكلما / عشنا / صرت تهيج / تجتر سواد القرون / في القارات المشيخة" (6)
لسبب ما يرى الشاعر والمفكر صلاح محاميد بأن مجرد تنفس الفلسطيني الهواء، وليس حصرا العنف، يثير لدى الإسرائيلي ردود الفعل على المحرقة. هذا ما أفهمه من الأبيات " أكلما عشنا/ صرت تهيج/ تجتر سواد القرون/ في القارات المشيخة". (فكم بالحري اختطاف جنديين؟)
لنعد الآن إلى النص العلمي للكاتبّيْن لنستطيع أن نضع الأمور في نصابها فنقرأ: "في تعاملنا كأخصائيين وباحثين نفسيين مع تأثير العنف على الصحة النفسية، فإننا نتعامل في الواقع مع حالات نفسية غير مألوفة... على أنها أمراض ينبغي تشخيصها ومعالجتها." (7).
ينبغي الإشارة هنا بأن تحليلنا الجدلي سيقول بأن الحالات المَرَضِّيَة غير المألوفة ربّما تتكون لدى الشعب الفلسطيني من 100000 حالة!!! لكننا فيما إذا انتبهنا بأن عدد اليهود الذين دفعوا بحياتهم ثمنًا للعنصرية في أوروبا هم ستة ملايين -العدد الذي يضاهي عدد سكان إسرائيل في سنة 2006- نرى بأن الحالة المرضية لا يمكن أن تعتبر حالة غير مألوفة لدى إسرائيل، بل ربما تكون هي الحالة الطبيعية، وبهذا تكون المقاييس في المعادلة السياسية لدى الخصمين قد تحطمت.
"ما يسببه العنف لدى المتعرض له يتلخص في بعض الظواهر التي تتلخص في "حالة الخوف أو الحزن أو الغضب أو الهَيَجان أو فُقدان المقدرة على التركيز أو الاستغراق في أحلام اليقظة، التي تعقب التعرض لأحد أحداث العنف، ليست مرضًا أو عطبًا في النفس بل محاولة النفس الدفاع عن نفسها واستعادة اتزانها في مواجهة تعديّ الواقع الخارجي عليها." (7)
إن حالة فقدان المقدرة على التركيز ما هي إلاّ الحالة التي يريد فيها الخصم أن يدخل خصمه إليها لكي لا يستطيع الخصم أن يستعيد اتزانه ليتمكن من مواجهة تعدّي الواقع عليه لتكون النتيجة ضعضعة أركانه وهزيمته.
كل الدراسات التي تطرقت إلى سبر غور النفس اليهودية تشير إلى أن رفع موضوع محرقة اليهود إلى الوعي اليهودي يدخل العقل اليهودي في ما يشبه السحر، بفقدانه القدرة على التفكير. فإذا كانت الذات المدركة اليهودية هي كالمحرك الذي يشتغل لكنه يبلي نفسه كما وصف البروفسور يان باستيناس في جامعة لييدن-هولندا مرضاه الناجين من الهولوكوست والذين عانوا مما يسمى "أعراض مخيمات التركيز" والذين وصفهم البروفسور بأنهم كالسيارة السائرة التي يرى الناس اليها بأنها جيدة – لكنها للأسف تكون تبلي محركها وتدمره" (8) - فأن إدخال العقل اليهودي للتفكير في أمر المحرقة سيؤجج بالتأكيد لدى هذا العقل كل التجارب العنيفة التي مر بها الشخص اليهودي نفسه ومر بها آباؤه وأجداده.
يعلمنا الكاتبان بأن هدف العنف هو إفقاد الخصم المقدرة على التركيز والتفكير. وهذا ما نفترضه من هدف العنف الفلسطيني. ولكن الإسرائيليين يُعَلِّموننا بأن رفع موضوع المحرقة أمام الإسرائيلي، بتصديق حدوثها، يؤجج لدى الإسرائيلي نفس رد الفعل. فلنرَ رد الفعل هذا لدى الإسرائيلي من خلال اقتباسنا للحادثة التالية التي جاءت على لسان السيدة "روت شطيرن" التي تسكن كيبوتس مجيدو الذي بني على أنقاض قرية اللجون، وهي آرمجدون التوراتية ومجيدون الكنعانية، والتي ولد فيها والدي وهجروه منها، وما زلنا نزور قبر جدي المدفون هناك. تروي السيدة شطيرن مذكرات لها نُشرت في كتاب(9) الذي احتوى على مقابلات ومذكرات أعضاء الكيبوتس نفسه، أعدته السيدة روت التي تسكن بيتًا جميلا كلما أتذكره يعلو إلى مخيلتي البيت الذي ولد وترعرع أبي فيه وهُجِّرَ منه في اللجون والذي يشعرني بآسى التهجيرة والعنفوان والإنتفاض كلما فكرت بأنني أنا نفسي لم أولد فيه. فهي تكتب: "أذكر أن أمي رجعت يوما ما إلى البيت من المدينة وقالت لنا إنها التقت مع إحدى معارفها التي حدثتها عن تريبلانكا (معسكر الإبادة). تحدثت المرأة عن أحد الشباب من مدينتنا الذي هرب من تريبلانكا والذي حدثها عن تجربته: غابة تريبلانكا والأضواء التي أضاءت الطريق إلى "الحمامات" (التي أبيد فيها اليهود) المشهورة، أساليب حرق الجثث والتسميم بالغاز وباقي التفاصيل
وإذا تجرأت عندها مصر على الحرب، نقصف بور سعيد والإسكندرية والقاهرة." الأقوال المفاجئة هذه كشفت المضمون الخفي الباطني في تفكير بن غوريون، ولربما تكون الفقرة الأخيرة من أقواله هي الأكثر أهمية: "هكذا سننهي الحرب – وعندها نتحاسب بحسابات آبائنا مع مصر آشور وإرم".(12) نعم، بن غوريون أراد أن يجعل الفلسطيني يدفع ثمن آثام الفرعونيين، آشور وإرم، ولا يكتفي بآثام النازيين واللاساميين الأوروبيين.
الأمر بعينه يعبّر عنه الشاعر الفلسطيني صلاح محاميد بصراحة واضحة مخاطبًا اليهود:
"عشرون قرنًا / خانتك كرابيج العجم
تقمصت شكل الرصاص...
خمسون قرنًا / خانتك تأجيجات الكينونة
على عتبة الأهرامات
عما تبقى/من ضريح أتون
عما يعانق النيل/من صحراء فرعونية
من شرائع توت عنخ أمون.(13)
في مقابلة أجراها الصحافي الإسرائيلي أطيلة شومبليبي مع رئيسة حزب ميرتس وعضو الكنيست الإسرائيلي السابقة شولاميت ألوني، نشر في موقع " يديعوت أحرونوت" الألكتروني -واي نيت- في تاريخ 18/3/2004، تذكر ألوني القرّاء بأن "ناحوم برنياع (الصحفي الإسرائيلي) نشر في صحيفة يديعوت أحرونوت أن شارون قال أكثر من مرة إن "الدم اليهودي هو اللاصق الدبق الأكثر نجاعةً للحصول على اتفاق وتعاضد قومي بين اليهود. عندما يقل الإرهاب، تطفو الأسئلة، والإنتقادات تفيض، ويتعاظم التمرد. لا جدوى من إرهاب (فلسطيني) لا يُنَفَّذ، (انه يخلق) فقط باقات من الأشواك."(
الإسلام والغرب
يوميات شاعر فلسطيني يعيش في إيطاليا
هو عنوان الكتاب بالعربية للكاتب الفلسطيني د. صلاح محاميد وقد ترجمه بنفسه من الإيطالية. كتبه إثر أحداث أيلول والحملة الشوفينية الرخيصة ضد الإسلام والعرب في الإعلام الإوروبي . يقول الكاتب : تعمد الغرب الإستعلاء على شرقنا , أيضاً قبل ظهور الإسلام, وبعد احداث أيلول طفت على السطح مفاهيم الأحكام المسبقة والتعبير عن بغض تاريخي دفين مما أدى الى حالة إستقطاب عالمية, ارادت ان تودي الى إشعال بؤر حربية في العالم خدمة لمصالح القليل من البشر الجشعين وضيقي الأفاق. وأكتشفت الجهل المتعمد لحضارتنا والتى تشكل الأساس والمفاتيح للشكل التكنولوجي العالمي . نشرت الكتاب عام 2002 بالإيطالية بعنوان "إسلامي"(منشورات سباتسيو كولتورا-كورتينا,إيطاليا, بإدارة الكاتبة ميلينا ميلاني Milena MIlani) وقد وجدت كذلك الكثير من الأذان المضغية والأذهان المتفتحة التي ترغب الفهم الحقيقي لشكل وجودنا, وهذا طبعاً فضلاً للديمقراطية التي تعم هذه الأقطار. قصدت بترجمته للعربية التقديم للقارئ العربي عقلية الغرب وتوافق الكثير من أسس الإسلام مع تشعبات المفاهيم الثقافيةوالعلمية هنا وقريباً سيتوفر في المكتبات".
كلمه التقديم للبرفوسور اينيو روسينيولي Ennio Rossignoli في المنتدى الثقافي في صالون فندق سافويا الفخم في كورتينا-شمال إيطاليا, 4-8-2002
ألاسلام في نظر صلاح
يوميات فلسطيني
صلاح محاميد شاعر فلسطيني يعيش في ايطاليا. نشر حديثا يوميات حربيه. أن السرد الهيكلي لزخم المحتويات المعقدة تشير الى شخصيه الكاتب المركبه وثقافته المتشعبه , غير ان عروجه على ضفاف الشعر الهادئه والمنسجمه تكسب طروحاته قوه الاقناع وطاقه في النسيج الكتابي. صلاح, قبل كل شئ شاعر, يملك الروح قبل اتقان الوسيله. يستوعب تقلبات الاحداث وينجح في بلورتها في قالب عاطفي. يومياته تذكرنا بشظايا الروح,البوئيماالتي نشرها حديثا, تلك الشظايا المتسلسله في ترابط عضوي وتصمد في وجه الاحداث اليوميه لابداع الحياه. لكن صلاح ايضا فلسطيني ينحدر من عائله عريقه ونبيله. ينتمي لشعب يجابه منذ قرن مأساه وحاليا يهوي الى القاع, مثيرا قلق العالم الذي ينظر من بعيد , كثيرا بعيد. مع هذا فان صلاح لا يفقد ألأتزان ,لا يلجأ الى التطرف. وفي زمجرية هذه الاحداث يصحبنا الى عمق الكلمه وارشادات القرآن التي تنبذ العنف . وهذا ما أشار اليه الرسول( صلعم) حينما سأله احد عن ماهية المسلم" المسلم من سلم الناس من لسانه ويده" أجاب رسول الله. تبدأ اليوميات وتنتهي خلال شهر وفيها يحدثنا عن أشياء مهمه حول طفولته وسن يفاعه, يشرح فيها حول التربيه, روابط العائله, التقاليد والعادات الأصيله, المعتقدات الروحيه , حول تعامل ثقافته مع قضايا الحياه والموت, حول السياسه وتاريخ وطنه, وفي هذا يسجل تاريخ شعب يأبى أن يزول. يتخلل تلك الذكريات الذاتيه ملاحظاته حول الشرق والغرب , ردودة على ورد من مفكرين غربيين في صحافتنا خلال الحرب والتي تخص الاسلام. يستخلص القارئ بأن الديمقراطيه, احترام الغير, العمل الجماعي, تحمل الاختلاف في المفاهيم والاستعداد للفهم هي من المكونات الأساسيه لثقافه وشخصيه الكاتب . " إقرأ" أنها أول الآيات وتمثل حقيقه اسس الرساله الاسلاميه- مع انها ليس دوما وبتكامل مطبقه- تعلم وتفهم وعي الاخرين .هذه الاصاله تناقض تماما فهمنا ووعينا المزيف لارشادات الاسلام. في ايطاليا, عوضا عن بعض الندوات المتخصصه فإن الاسلام يناقش فقط من وجهه نظر التعايش, لكن هذا يحتاج الى فهم عميق وحساسيه عاليه لاستيعاب ماهيه الاسلام وكل اسهام ذكي يكون ثمينا. وهذا ما تحويه يوميات صلاح, كما نعرفه في كتبه الاخرى وفي مداخلاته الاعلاميه ومقالاته الصحفيه. إن رسالته واضحه, اسلامه متسامح , ليس ذلك المتقوقع متباهيا بانجازات اسلافه ومتسلحا بجدار يحميه من عالم مبهم, بل ذلك المتفتح الباحث حتى الرمق الاخير لاحتواء ثقافه ومعرفة الاخرين, وبصبر وثقه يستقبل اختلاف الاخر عنه ويستعد لتقديم المساعده والمساهمه في بناء الحضاره مع غيره. كتب صلاح" ليس الاسلام ان تربي ذقنا او ان تلبس حجابا أو دشداشه. على الاقل ذلك الاسلام الذين يظهروه على شاشه التلفزيون ليس اسلامي" . هكذا كتب وسيستمر بتوضيح حقيقه الاسلام حتى يصبح ايضا ملكنا.
علاقته بالحياة, " التجربة مع غزارة دروسها, لا يستطيع نيوتون أو اوليير أن يستخلصه, لكن يستطيع أن تستخلصه حسابات كونده وفريدريخ النبيلة"(28)
لكن المفكر الفلسطيني والشاعر صلاح محاميد وجد في أن تحليل هوية الآخر وإدخال عناصرها في جدلية التأثير المتبادل هي مفتاح الحل لتمكن الفلسطينيين من تحقيق الإنتصار فهو
يقول مخاطبًا خصمه:
بحر من الدم
وكأن قرنا كاملا
لم يمر
بحر من الأعلام الفلسطينية
كأن القبور تستنهض سكانها
...
بحر من الدخان السخيف
كأن شظايا القرن / لم تلجم بقايا جنونها.
...
عشرون قرنا كنت تأتينا آهات / أضغاث أحلام
صرنا نسألك...
ماذا تريد؟"
وكأن آيات الآباء / لا تشفي غليلك
ماذا تريد؟
وكأن الصبايا حجر / وأغنيتي رماد وهذر...
عشرون قرنًا
خانتك كرابيج العجم / "تقمصت شكل الرصاص"
انتشرت
في فلسفات الروح الكونية
في فلسفات الكون الروحية
في روح الفلسفات الكونية"(29)
ديناميكية الصراع في أشعار صلاح تتعدى البكائيات على الجرح الفلسطيني وتشير للخصم بإصبع الاتهام أن أساطير الآباء لا تشفي غليله، وتشير لمحمود درويش بأن "الدرب ليس طويلا
- التوحيدية فكرة شرقية . فرسالة إبراهيم الخليل تنبض في الثقافات الدينية والتي لم يستطع اي مجتمع الإستغناء عنها . ومن ثم أعتبر الشكل الحضاري الحالي إمتداد للمقاييس العملية العلمية للحضارة العربية , رغم إنكار الغرب لهذا وتعمده إعتبار تقدمه يبدأ من عنده . لم تتبلور أي حضارة مبتدئة بالصفر وهنا تكمن اسباب المعضلة التي يعيشها الغرب . وحينما يستطيع العربي إتشاف إمتداده في الشكل الأوروبي الحالي فسيقدر التعامل برحابة صدر ودون وجل من مقاييسها وإدخارها . وهذا لا يبرر الخمول العربي بل إستنفاراً للعقل لأنه من المفروض ان يكون ريادياً في هذا.
البيريسترويكا ليست هزيمة فريق وإنتصار آخر بل تفوق ما هو إنساني في نشاطات البشر.