قلعة اقتصادية عربية في قلب العاصمة الرومانية

مجلة النهضة
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

أكد المدير العام لشركة ( تيتان لصناعة المعدات الثقيلة TITAN MASINI GRELE )في رومانيا  المهندس احمد أبو النصر أن   الاستثمارات العربية في رومانيا كبيرة ومهمة وتتركز بشكل أساسي على قطاع الصناعة والسياحة والمواد الغذائية والبناء.

وأوضح أن شركته ليست الوحيدة التي حققت انجازات مهمة على صعيد الاقتصاد  الروماني ،وانه  ليس الوحيد الذي سطر في غربته نجاحات متميزة  .

وقال انه هنالك في رومانيا الكثير من الأسماء اللامعة في مجال التجارة والصناعة والطب والإعلام، بل وحتى في مجال الإدارات المحلية، تمكنت من فرض وجودها واحترامها.

 

ألاف الشركات الرومانية يمتلكها العرب  تساهم في صنع الاقتصاد الروماني

 

وأضاف  من ضمن آلاف الشركات التي يمتلكها مواطنون يحملون الجنسية العربية . هنالك شركات لتصنيع وتوزيع الأدوية، وهناك شركات لتعهدات الطرق يبرز هنا السيد علي خميس مصري الجنسية كمالك لأحد أهم تلك الشركات.( بلغ عدد الشركات المسجلة في غرفة التجارة برومانيا 13000 شركة اقل من نصفها يمتلكه سوريون اللبنانيون يأتون بالمركز الثاني فهم يمتلكون 3000 شركة أما المصريون فيمتلكون 1000 شركة ).

وهنالك شركات  مطاعم و فنادق من الدرجة الأولى كفندق (ماريوت)  يمتلكها السيد فتحي الطاهر أردني الجنسية،

 وفندق (فينيسيا) وسلسلة مطاعم الوجبات السريع ( سبرينغ تايم ) عائدة ملكيتها للسيد محمد مراد لبناني الجنسية ،

وهناك شركات لتوزيع الصحف ( رودي بت) الأشهر في رومانيا ويمتلكها السيد حسن عودة لبناني الجنسية،

وهناك مزارع لتربية وتسمين المواشي يمتلكها السيد جمال زيدو سوري الجنسية  إضافة إلى عدد  هائل من  المعامل أبرزها  معمل لتصنيع الدخان وأخر لتعبئة المياه  ومعامل لتصنيع الأخشاب .

والكثير من التجار العرب يتصدرون قائمة (المائة الأكثر غنى) في رومانيا بثروات تبدأ ب 200 مليون دولار.

 

وعن بداياته في رومانيا تحدث المهندس احمد أبو النصر قائلا: بدأت علاقتي برومانيا  بعد الثورة1989  فقد قدمت للمرة الأولى بقصد استيراد المواد الأولية خردة( براغي – بيليات – قطع تبديل صناعية ...الخ ) .وبحكم تواجدي في القطاع الصناعي بمصر، وسمعتي التجارية والفنية الجيدة ، قام مالكو اكبر شركة  إستراتيجية في ميدان تصنيع المكابس التي تستخدم في إنتاج الإطارات وهي شركة MC NEIL & NRM

بتقديم عرضهم للمشاركة في تحديث وتشغيل وإدارة هذا المصنع، فقمنا بإجراء الدراسات الفنية، وتقييم الجدوى الاقتصادية، وقررنا أن نبدأ مشروعنا الاستثماري.

وعن سبب اختيار رومانيا تحديدا قال :

الشركة كما أسلفت موجودة، ومعروفة، ومشهورة، قبل أن تأتي إلى رومانيا عام 1998  .و في تلك الفترة كان هناك مخطط استراتيجي للشركة بتطوير وتوسيع أعمالها، نظرا لزيادة حجم الطلب على منتجاتها ،وكان هناك دراسات حول تأسيس فرع للشركة في أكثر من بلد، ومن ضمن العروض المقدمة تم اختيار العرض الروماني نظرا لعدة أسباب، أهمها وجود المباني الصالحة لتركيب خطوط الإنتاج، وذلك يعني اختصارا في الوقت والجهد إضافة إلى وجود الخبرات اللازمة، ورخص اليد العاملة، وتوفر المواد الأولية من حديد وفولاذ وبرونز بأسعار منافسة .

 

 

ماركتنا المسجلة تجدها في أي معمل إطارات في العالم

 

وتابع المهندس احمد أبو النصر حديثه قائلا شركتنا TITAN MASINI GRELE   هي عبارة عن مصنع يقوم بإنتاج وبيع  معدات ثقيلة، تستخدم في إنتاج الإطارات، مكابس وخلاطات ،مخارط راسية، معدات تشكيل المعادن الثقيلة ،وماكينات تشكيل السكك الحديدية ،وكل ما يمكن أن يطلب منا في مثل تلك المجالات . ويبلغ حجم أعمالنا السنوي بحدود ال40 مليون دولار. صدرنا ونصدر إلى شركات عالمية مثل : Michelin- Continental - Cooper Tire & Rubber.

وأضاف إن  السوق الأساسي لشركتنا هو الولايات المتحدة الأمريكية، ألمانيا، اسبانيا، روسيا، والصين .شركتنا صدرت وتصدر إلى جميع تلك الدول.

وأردف قائلا باختصار إذا وضعت أمامك خريطة للعالم، وأردت أن تضع دوائر حول أماكن تواجد مصانع الإطارات في العالم ،فانك وبدون أن تقصد تكون قد حددت آماكن تواجد منتجاتنا.  استطيع أن أقول وبكل ثقة أن معداتنا لبنة أساسية وضرورية  وماركتنا المسجلة تجدها في أي معمل إطارات في العالم.

 

نصنع المعدات النووية

وكشف المهندس احمد أبو النصر عن قيامهم بتصنيع  المعدات النووية، من خلال امتلاكهم لشركة إستراتيجية أخرى تقوم بالتصنيع.وقال شركتنا  متخصصة في تصنيع معدات تقوم بعمليات نقل الوقود النووي داخل المفاعلات.

أي أننا نقوم بتصنيع آلات وأجهزة إدخال الوقود النووي إلى المفاعل، وإخراجه، والإشراف على تلك العمليات، للتأكد من سلامة ودقة  إجراءها ، وفي كافة مراحلها،  ونبيع منتجاتنا تلك إلى  المحطة النووية الرومانية(( تشيرنو فودا))

أصغر وحدة انتاجية نصنعها تزن 30 طن

 

ويتذكرالمهندس البدايات فيقول :

 حين قمنا بشراء مصنع  الماكينات الثقيلة " تيتان " وهو من أضخم مصانع  الصناعات الإستراتيجية  في رومانيا ، كان طبعا متوقفا عن العمل ،ويعاني من الخسائر المادية ، التكنولوجبيا القديمة، وكانت المباني مهملة ، و بحاجة إلى إصلاح، وإعادة هيكلة وترميم ، كذلك المعدات الموجودة فيه  كانت بالية ومعطلة، وبعض خطوط الإنتاج كانت غير كاملة. اضطررنا إلى إعادة تأهيل العمال والفنيين، وتم إرسالهم دوريا في دورات متخصصة لدى أرقى واهم المعاهد الفنية العالمية. على سبيل المثال كلفتنا فقط تحديث  برامج الكمبيوتر ( السوفتوير) بحدود الأربعمائة ألف دولار. ويتابع طبعا يبدو الرقم كبيرا ولكن إذا علمتم أن اصغر وحدة إنتاجية( ماكينة) تم إنتاجها لدينا تزن 30 طن واكبر وحدة تم إنتاجها في مصنعنا بلغ وزنها 460 طن لأدركتم حجم العمل الذي نقوم به

البدايات كانت مرهقة، العثرات كانت كثيرة ،المخاطرة كانت كبيرة، في أحيان كثيرة تطلب مني العمل تواجدا دائما  على رأس عملي وبين العمال والفنيين ،وكنت  لاأجد أحيانا  الوقت الكافي للذهاب إلى منزلي الواقع على بعد عدة كيلومترات من المصنع.

 

الاستثمار في رومانيا

 

ويتابع المهندس احمد ابو النصر حديثه عن مناخ الاستثمار في رومانيا فيقول

طبعا عانينا في البداية من القوانين غير الملائمة للاستثمار (حيث أن رومانيا كانت لاتزال في مرحلة الانتقال إلى اقتصاد السوق الحر ) ، والتي تحسنت مؤخرا بشكل لافت للنظر وان كنت اعتقد أنها  ظلت  قاصرة عن تشجيع مثل تلك الاستثمارات الصناعية الإستراتيجية الضخمة.  حيث أن القوانين لاتقدم أية إعفاءات أو تسهيلات، خاصة إذا علمنا  أن دورة رأس المال لمثل تلك الاستثمارات بطيئة، وكلف التأسيس  مرتفعة والاستمرارية تحتاج إلى تطوير دائم للآلات والمعدات  ودورات  دائمة للعمال والفنيين.

مشاكل الأمس تختلف عن مشاكل اليوم

وأردف في البداية كانت هنالك عدة مشاكل أهمها  مشكلة اللغة، حيث أن أغلبية الجيل القديم لاتتقن اللغة الانكليزية مما اضطرني إلى تعلم اللغة الرومانية ،والمشكلة الثانية كانت العقلية البيروقراطية التي تغيرت اليوم بشكل جذري، إضافة إلى ذلك واجهتنا مشاكل عدم استقرار القوانين الاقتصادية ، وهي مشاكل تعاني منها أية دولة تمر في

مرحلة التغيير وتنعكس على كل الشركات العاملة بها ، وأوضح أن هذه كانت مشاكل الأمس،  أما اليوم فلدينا مشاكل من نوع مختلف تماما، أهمها هجرة ونزوح الخبرات إلى دول أوروبا الغربية، حيث الحوافز اكبر والرواتب أعلى، مما يضطرنا دائما إلى تأهيل كوادر شابة لضمان استمرارية العمل. ( على سبيل المثال لدي اليوم في المصنع أكثر من 40 طالبا متدربا يتم تحضيرهم ليصبحوا فنيين وعمالا) . إضافة إلى مشكلة النظام الضريبي المرتفع التي لا يأخذ بالحسبان خصوصية عملنا كمصنع استراتيجي منتج .

 

نحن الأوائل ولا منافس لنا عالميا

 

وتابع المهندس أحمد أبو النصر قائلا

ليس لدى شركتننا أي منافس داخلي، خاصة أننا الأوائل على صعيد العالم.  أي أننا تفوقنا على منافسينا الخارجيين.

وأضاف لقد حاز فرع شركتنا في رومانيا TITAN MASINI GRELE  على جائزة أحسن شركة على مستوى بوخارست للعامين 2000-2001 على التوالي، رغم أن نسب مبيعاتنا في الأسواق المحلية الرومانية  ضعيفة جدا حيث أنها لاتبلغ أكثر من 1% من إجمالي مبيعات الشركة. ويقوم كبار المسئولين في الحكومة الرومانية بزيارتنا وتشجيعنا دائما.

 

 

من هو المهندس احمد أبو النصر؟

احمد أبو النصر مهندس خريج جامعة القاهرة قسم ميكانيك والده أديب وكاتب روايات معروف ورواياته صدرت بعدة لغات أخرها اللغة الرومانية ووالدته من عائلة دمياطية  معروفة بنجاحاتها وتميزا أبناءها وهي عائلة الخضري الشهيرة متزوج من سيدة مصرية وأب لثلاثة أطفال.

 

شركة تيتان للمعدات الثقيلة

بداية تأسيس الشركة كان قبل حوالي أربعين عاما وتم تخصيص المصنع في عام 1998

يقع مصنع المعدات  الثقيلة( تيتان )على  أطراف العاصمة بخار ست ،و تبلغ مساحته الإجمالية  15 ألف متر مربع

ويشمل على عدة أقسام أهمها:

قسم  الإنتاج والمعالجة الحرارية، يمكنه معالجة حتى 20 طن من المعادن بما فيها الألمنيوم والفولاذ المعالج ، ويمكنه تحويل المعادن من حالة إلى أخرى، وصهرها ،وتقطيعها ،وهناك إمكانية لقص صفائح الفولاذ حتى سماكة 480 مم باستعمال تقنية القص بالغاز الممزوج بالأكسجين .

قسم الخراطة والتسوية: يحتوي على 280 ماكينة تقوم بأعمال الخراطة والتسوية، والصقل وثقب المعادن.

قسم التركيب و التحضير والتغليف يحتوي على روافع راسية ضخمة يمكنها رفع ماكينات بوزن أقصاه 50 طن لارتفاع 15 متر .

قسم مراقبة الإنتاج: يشرف على دقة تنفيذ جميع المراحل السابقة ومطابقتها للعقد الموقع مع المشتري .

قسم التصميم:للتصميم الهندسي والتقني .

قسم الإدارة والمحاسبة . مبنى يتألف من ثلاث طوابق ويحيط به حديقة.

قسم الخدمات والمطاعم واستراحات العمال.

المراب يتسع لأكثر من مائة سيارة.

 

اتسائل بيني وبين نفسي إذا كان الإنسان العربي قادر على النجاح بهذا الشكل المتميز في بلد مضيف يواجه فيه صعوبة التأقلم واللغة والبعد عن الأهل واختلاف العادات والتقاليد بعد أن اقتلعته الغربة من جذوره  فهو لاشك قادر على الإبداع في وطنه الأم منبته وأرضه .