من ابرز الإعلاميين الرومان,واكثرهم جرأة وحب للمغامرة والتحدي ، يتحلق المشاهدون كل سبت حول التلفاز ينتظرون مغامرة جديدة من مغامراته الواقعية وحلقة جديدة من برنامجه الاسبوعي(112) الشرطة في الميدان. أهم البرامج الرومانية
التي تستقطب عددا كبيرا من المشاهدين نظرا لواقعيتها وجرأة معالجتها وكونها تعالج مشكلة شبابية وقضية من أهم قضايا العصر الحالي وهي قضية المخدرات والذي يبث على محطة تلفزيون البريما ته فهPrima T.V الرومانية ".
انه كريستيان صباغ الذي انتقل من جحيم الله في الارض حرب لبنان الطائفية الى جحيم عالم المخدرات في رومانيا.
هذا الشاب الوسيم ذو الملامح الشرقية والتي يشبهه البعض هنا "بجيمس بوند رومانيا" تجذبه الجريمة كالمغناطيس فنراه مع فريق عمله التلفزيوني ، يلاحق اعتي المجرمين وأخطرهم في شوارع العاصمة بوخارست ، ويدخل أوكارهم ويجابههم بالميكرفون والكاميرا.
هذا النمر أمام الشاشة يعود إلى وداعته ودماثته وبساطته بمجرد أن تنطفئ أضواء الكاميرات، وتغلق الميكرفونات . النهضة حاورته بعد أن انتهى من تصوير إحدى حلقات برنامجه.
في بداية حديثه رحب بنا كريستيان باللغة العربية واللهجة اللبنانية المحببة وسألنا عن صحتنا وأحوالنا وجنسياتنا ؟ وتصفح بضع أعداد من مجلة النهضة أحضرناها له معنا.
سألناه من هو كريستيان صباغ ؟
أنا رجل عادي كالآخرين لدي همومي ومشاكلي في الشارع مع زحمة المرور،وفي المنزل مع زوجتي ، وفي العمل مع الأصدقاء وفي السوق مع المشتريات، ربما أنا أكثر جرأة من الآخرين لذلك أنا هنا ، أنا لا ابحث عن المشاكل فالحياة الحقيقية مليئة بالمشاكل، الجميع يحاول الهرب من المشاكل وأنا تجذبني المشاكل .
ربما يعود هذا إلى نشأتي الأولى فقد تعودت في لبنان حيث قضيت طفولتي، أن أعاني يوميا من الحرب والخوف والرهبة والخشية من الغد، وحتى حين انتقلت إلى رومانيا تحولت المشاكل إلى نوع آخر هناك الخوف من الفساد ومن الاستغلال ،ومن الابتزاز، ومن الاحتيال، ولازلت يوميا أراهن على النجاح في اجتياز المخاطر.
صحيح أنني ولدت في عائلة غنية ولكن والدي لم يشعرونني بالترف أبدا . وحين كنت طالبا عشت بشكل متواضع اقرب إلى الفقر. كنت أتنقل بالمترو والترام. بينما زملائي كانوا يأتون إلى الجامعة بسيارة الرينو .
كنت اعرف الحالة المادية لوالدي وكنت اعتقد فيما بيني وبين نفسي ان حياتي خاطئة ، إلا أن والدي كان يقول آنت ذاهب للدراسة . واليوم اشعر بالشكر والامتنان له لأنني لم أكن مدللا ومترفا.
وعن عودته إلى رومانيا قال كريستي : حين كنت أعيش في لبنان كنت ازور عائلة والدتي كل صيف ولم أكن أرى الكثير من الأمور هنا ، كانت زيارات سياحية لا وقت فيها للمقارنة بين البلدين ، ولكن في عام 1987 عدت إلى هنا بهدف الاستقرار واستكمال دراستي ، كانت عودتي صدمة حقيقية لي، حينها بدأت أقارن بين لبنان ورومانيا.
صدمني الانتقال من الأضواء في مطار بيروت وطرقها وشوارعها الجميلة إلى مطار بوخارست الدولي المعتم آنذاك وشعرت بالرهبة والوحشة في الطريق المظلم إلى العاصمة. انتقلت من المحلات المتخمة بالألعاب والألبسة والمأكولات في بيروت إلى طوابير من البشر ترتدي لونا موحدا وزيا موحدا تتزاحم أمام محلات فارغة.
الصدمة الثانية كانت لاحقا في المدرسة ، إذ تم زجي في مدرسة لتعلم الميكانيك في الثانوية الصناعية "نيكولاي يورغا" في" فاليني دي مونته" ، السنة الأولى كانت صعبة كنت ادرس ميكانيك الآليات، وأعمل في القاعات الصناعية للخراطة والتسوية، بينما في لبنان كانت دراستي الأساسية علم اللاهوت في الثانوية الكاثوليكية ،أهلي اختاروا لي علم الأديان كي يبعدونني عن أجواء الحرب.
حتى عام 1987 لم يكن بقائي في لبنان مشكلة إذ أن الحرب الأهلية كانت بين الشرقية والغربية، أما بعد هذا التاريخ فقد بدا الاقتتال يدخل المناطق التي كانت آمنة . وتحولت بيروت إلى جحيم لا يطاق وبما إني كنت وحيدا لوالدي فقد اختار أن يبعدني عن هذه الحرب الطاحنة وأرسلني هنا إلى خالتي . رجعت إلى نفس القرية التي تركتها حين كنت في المدرسة الابتدائية ففي قرية " فالنتي" درست الصف الأول وحتى الرابع وهنا أنهيت الثانوية الصناعية وتخرجت عامل ميكانيك .
والدتي رحمها الله كانت تريدني أن أصبح طبيبا ووالدي كان يحب مهنة المحاماة وأنا أحببت مساعدة الناس ولكن من موقع آخر، درست المحاماة لسنة ،ومن ثم انتقلت إلى الصحافة ،وبعدها إلى الفلسفة، وكل هذا لم يرضي طموحي فقد كنت ابحث عن شيء أخر .
عام 1993 عندما كنت طالبا توظفت في البداية كمتعاون في الصحافة، ومن ثم أحببت العمل في التحقيقات الصحفية ، مخاطر مهنة الصحافة كانت تجذبني وذلك منذ أن عملت مراسلا للأخبار،
في الصحافة لا يجب البحث عن مواضيع ، المواضيع كانت تلاحقني وكنت اجذب المخاطر وأينما ذهبت كان يجب أن يحصل شيء ما .
وصلت إلى التلفزيون متأخرا كان هذا عام 1999. وأنا اليوم سعيد لأنني وجدت نفسي ووجدت المهنة التي أحبها فهذه المهنة جميلة، فليس هناك أجمل من أن تكون مصدرا للمعلومات تتكلم عن الناس وعن رجال الشرطة وجهودهم المبذولة من اجل تأمين حماية الناس في بيوتهم .
ويتابع كريستي صباغ قلة من الناس يعرفون حياة الشارع الحقيقة ،والمخاطر التي يتعرض لها رجال الأمن، فالناس العاديون لا يخرجون ليلا ،هم فعليا يخلدون إلى النوم ، الناس يعرفون فقط ما يشاهدونه على التلفاز لكن المسئولين في الشرطة يدركون كم هي كبيرة حجم المخاطر في بعض شوارع العاصمة ،الشارع شيء مختلف تمام والحياة هناك تطغي على الفلم أحيانا.
ويتابع كريستي منذ نعومة أظافري كان يراودني حلم أن أصبح شرطيا لم يكن لي ملف جيد يساعدني كي أحقق حلمي بسبب أن أمي كانت متزوجة من مواطن أجنبي.
أنا لست رجل شرطة ولكنني امثل ظله وأنا لا أشكل خطرا حقيقيا على المجرمين فليس ليي سلطة فعلية، أنا مجرد صحفي ينقل الحدث وينقل بصدق وعفوية حياة الشارع أنا لست "البوبع" الذي يرعبون به الأولاد.
بعض المجرمين لا يفهم هذا الشيء ويخلط بين مهمتي الصحفية ومهمة رجال الشرطة،ومن هنا تأتي المشكلة وقد عانيت من هذا الخلط فكان هناك محاولة لطعني في إحدى المرات، ومرة تم ضربي ، ولكني لم أتوقف ولن أتوقف .
في لبنان عشت في آتون الحرب ومنذ كنت صغيرا شاهدت الموت أمامي لم يعد أي شيء يخيفني ،ولكن لا أنكر أن الخوف يتملكني حين أفكر بعائلتي، لدي طفل من زواجي الأول وأنا أحاول حمايته دائما ، وأرجو ممن يريد أن يواجهني أن يواجهني أنا شخصيا ولا ينتقم من طفلي.
زوجتي أيضا شرطية ولديها هذا الحس الأمني العالي .... يضحك : ولكننا لسنا "مودللر وسالي" زوجتي كانت الناطق الرسمي للشرطة الرومانية وكنت أنا مراسلا، وتعرفنا على بعض وكان الحب من النظرة الأولى ، زوجتي لا تعمل في المجال الذي أصور به برنامجي ، فانا اعمل على الجريمة المنظمة، بينما زوجتي تعمل في إدارة المرور، وليس بيننا أي علاقة عمل سوى أنها متفهمة لطبيعة عملي كونها تدرك ما معنى أن تكون رجل امن أو مرافق لرجال الأمن.
ولا اعتقد ان أي زوجة أخرى قادرة على أن تكون متفهمة كما هي فنحن عمليا نفتقد الحياة العائلية وأغلب لقاءاتنا تتم على الهاتف النقال ، فحين تستيقظ زوجتي صباحا لتحتسي فنجان قهوتها الصباحية ،ادخل إلى البيت عائدا من ليلة عمل متعبة. واذا كان لدي المزاج فإنني اجلس معها قليلا قبل أن اذهب إلى النوم . وزوجتي تمتلك كل ما يعجبني في المرأة الذكاء والثقة بالنفس وهي تشع الحب والدفء والعاطفة . هي رائعة وتتفهمني ، واعتقد أنني لو لم أجدها لبقيت عازبا، فلا يتمنى احد أن يعيش بجانب برميل من البارود،
ويستدرك كريستيان صباغ قائلا: الحياة التي أعيشها ليست طبيعية البيت تحول لنظام مراقبة وأجهزة إنذار ومراقبة المداخل بالأشعة تحت الحمراء على كل الأبواب ، وهذه الأمور نستخدمها لحماية المنزل حين نكون غائبين أما الحراسة التقليدية فانا لا اقتنع بها ولذلك ارفض أن يكون لدي حراس خصوصيين .
يكفي ان تمتلك شجاعة المواجهة، والتحرك في موكب حراسة يعطي الانطباع بان شجاعتك مزورة وهي فقط شجاعة تمثيلية أمام عدسات الكاميرا .
وعن رأيه في المرأة يقول كريستي : النساء يولدن التوازن في الحباة وهذا الشعور وجدته في عماتي وفي زوجتي لهذا أقول أن الطرف المضيء من البشر هو المرأة ؟ ورغم انه في عالمنا هناك بعض النساء اللائي اخترن أن يصبحن خارجات عن القانون ، ولكن مع هذا فانا لاانظر إليهم كمجرمات إنني احترم المرأة بشكل مطلق وربما السبب أن والدتي توفيت عندما كنت صغيرا .
أي طفل يحتاج إلى ام .
في بعض الحالات المتفرقة تقدم المرأة على الإجرام ، ولكن في حالات نادرة تقوم المرأة بارتكاب بعض الجرائم . يدخلن هذا العالم ( عالم الجريمة ) من خلال العشيق والصديق لذلك هن نوعا ما ضحايا ،
ومع ذلك فانا لأافهم تصرفاتهن عند التحقيق ، حين يتحملن كامل المسوءولية .البعض لديهن أطفال في المنزل.
ومن المرعب أن نتخيل كيف ينمو أطفالهم. وبقربهم الإبرة والهيروويين هم أمهات مؤذيات .بالطبع نحن نتكلم هنا عن قاع المدينة، حيث الناس هناك لايملكون الوعي والثقافة .
وعن بلده لبنان يقول: علاقتي مع لبنان ليست علاقة جميلة ،لان أمي توفيت هناك، ووالدي توفي هناك . و رغم هذا فإنني اذهب إلى لبنان كل عام. والكثيرون يعتقدون أنني اذهب إلى هناك لأسباب مادية. ولكنني في الحقيقة اذهب لزيارة قبريهما .
أنا لا أجد أي فرق بين رومانيا ولبنان أو لنقل انه من الصعب علي الحكم ، لأنني أشعر أن كل آم منهما رعتني وأحبتني وقدمت لي اغلى ما املك . كلاهما جميلتين وغنيتين ومن الصعب القول أيهما أفضل من الأخرى