خلال لقاءاتي مع السفير السوري السابق في رومانيا الدكتور "وليد عثمان" كنت متخوفا من تحول العلاقة المهنية كصحفي وسفير الى علاقة شخصية. وكنت مترددا في الاطمئنان الكامل لتطور تلك العلاقة.
لاحظ السفير بذكائه وخبرته هذا التردد وربما الخشية او الرهبة فقد كان "وليد عثمان" آنذاك امرا ناهيا في رومانيا وسوريا، كون ابنته "رزان" زوجة ملك الاقتصاد السوري "رامي مخلوف" وتمتلك شخصية قوية وذكاء حادا، وابنه متزوج من ابنة "محمد مخلوف" إضافة الى تاريخ "وليد عثمان" المعروف في اللاذقية ودرعا ودمشق.
بينما انا لم اكن امتلك أي تاريخ(نضالي) في سوريا او علاقات او وساطات او مناصب، وانما شاءت الظروف ان ادخل في مجال الاعلام والصحافة في رومانيا عن طريق مشاركة الاخوة الفلسطينيين في نشاطاتهم ، فتعلمت منهم الكثير وحصلت نتيجة لنشاطاتي وعملي وبمساعدة "مصطفى جمعة " الإعلامي المصري المعروف على مكان متميز في الاعلام والثقافة برومانيا .
طبعا كنت أرى أن إمكاناتي لا تؤهلني باي شكل لأكون من المقربين الى اقوى رجل سلطة سوري في رومانيا، رغم أن ذكاء وحنكة السفير وتواضعه خلال لقاءاتي معه، وتمكنه من تحقيق إنجازات لأبناء الجالية جعلتني أعجب به واتعاون معه لتحقيق طموحات مشتركة، كان أهمها آنذاك احداث المركز الثقافي السوري -الروماني.
في احدى الجلسات التي جمعتني بالسفير في غرفته بالسفارة سالته: هل تعرف قصة اسطورة ايكاروس فأجاب: ربما ولكن اود سماعها.
قلت: إيكاروس، في الأسطورة الإغريقية، هو الشاب الذي حلّق قريباً من الشمس بجناحين من ريش وشمع. ذاب الشمع بفعل حرارتها فهوى الشاب في البحر ومات غرقاً. وكان الأبُ أوصى ابنَه بأن لا يحلّق قريباً من الشمس ولا قريباً من سطح البحر، وإلاّ فني. وهذا ما حصل،
تابعت قائلا: من يفر من واقعه ويتخطى حدود حريته المرسومة وفق ظروفه وامكانياته فان الموت نهايته. لم أرى في حينها ردة الفعل على وجه السفير ولكن أدركت بعد سنوات ان رسالتي قد وصلت.
تحققت اسطورة ايكاروس بالنسبة لي حين رفضت أوامر السفير في بداية الازمة السورية فتم اغتيالي معنويا ومعاقبتي ماديا ولكني نجوت من الموت الجسدي نتيجة لحرصي ولحذري من الاقتراب من الشمس بشكل كبير.
وهاهي تتحقق الأسطورة اليوم مع الإعلامية "لونا الشبل" التي هوت لان شمع اجنحتها ذابت واحترقت فقد كانت بجانب الشمس لفترة طويلة واقتربت من دفئها بشكل كبير!