لقد فشلت المعارضة في ادارة الازمة والتسويق الايجابي لقضية الشعب السوري على الساحة الرومانية , بعد ان هيمنت بعض الشخصيات على الحراك الشعبي ووضعت اليد على الحراك الشبابي ,وفشلت في ادارته والاستفادة منه ان لم نشأ القول انها نحرته ووأدته
, وبدلا من ان تكون المؤسسات مكانا لتوحد السوريين , فقد بدا منها القتال , واحتدم الصراع بين اجنحتها , وانتجت تكتلات ركزت على مبدا الحفاظ على الكرسي والوصول الى الادارة باي ثمن .
استخدمت تلك الشخصيات أسلحة وخبرات ورثتها عن النظام , هي الهيمنة والابعاد والتهميش والتخوين والتملق والتبعية والاجندات المسبقة وسياسة القطب الواحد (اما ان توافق امزجتنا او انت ضد الثورة او حتى ضد الرب ) ,وساهمت سياسة الانتخابات الموجهة لتغليب المصلحة التكتلية على المصلحة العامة في فرز الشخص المناسب في المكان غير المناسب , فانكفات وانعزلت القيادات عن مجتمعها , وشكلت نخب سلطوية مدمرة , دفعت مخالفيها دفعا قسريا نحو العودة الى النظام او الانعزال بعيدا.
بعض تلك الشخصيات تميزت بالحقد الموروث على النظام, وكل ماهو ناجح في الفترة السابقة ., وكل مايمت اليه بصلة وبدون تفريق وتمييز بين صالح وطالح , وعملت من منطلق الرغبة في الانتقام والثأر نتيجة تهميش النظام لها , (حتى وان كان التهميش موضوعيا ) وقامت تلك الشخصيات المعقدة نفسيا باستخدام الحقد كوسيلة لأدائها وكمنهج لعملها, مما ادى الى تمزيق النسيج الاجتماعي وخنق الابداعات وتخريب المؤسسات .
وتم تغييب جيل الشباب عن العمل والتفاعل, وهدم كل ما هو جديد ومبدع , حتى اصيب الشباب بالإحباط وعدم الثقة , وعملت تلك النخب الجاهلة على اعتماد الشعارات في القيادة بدلا من العمل كأنها ورثت عقلية النظام وطبقت نظرياته ولكن بشكل فوضوي .
في رومانيا الشباب صنعوا ثورة حقيقية ,والكهول سرقوها ودمروها وشوهوها . و انسحب الشباب بعد ان أقصوا واهينوا وأتى مكانهم ورثتهم الكهول ليعيدوا انتاج العقلية التي وورثوها واتقنوها وسوقوا لها وهي العقلية الامنية الديكتاتورية , فرحين بمناصب وصلتهم دون جهد ولاعمل كانت امنيات بعيدة عنهم في الفترة السابقة .
اداء المعارضة لازال دون الحد الادنى المطلوب للمرحلة , ولازال يتم بمنطق الدكان غير التخصصي , مبدأه واساسه المصالح المتبادلة , مع غياب الخبرات بشكل شبه تام , وعدم الاستعانة بالخبرات الخارجية اضافة الى غياب التنظيم وتهميش الكفاءات , وقد تم رفض التنظيم كونه احد اساليب النظام في العمل واستبداله بالفوضى المدمرة.
اضافة الى التنافس والتزاحم السلبي على القيادة لا على العمل , وعدم القدرة على تحقيق تواجد فعلي في رومانيا , وعدم القدرة على تسويق القضية السورية لدى السلطات الرومانية ومؤسسات الدولة
فقد قدمت المعارضة نفسها كمعارضة تدعم الحل العسكري , وتتغنى بالشعارات الاسلامية مع ادراكها التام استحالة قبولها في المجتمع الروماني , فخلقت خندقا بينها وبين المجتمع الروماني , وتناست المعارضة ان العلاقات بين الدول تتحكم بها سياسة الدولة المضيفة وليس امزجة الشارع السوري.
و انتقل هذا العجز الى منظمات المجتمع المدني التي تم تنفيرها بشكل كبير من التواصل والتعاون .الامر الذي ادى الى عدم القدرة على كسب الشريحة الشعبية الرومانية , وحتى في المجتمع الاغترابي السوري فقد تم تسويق القضايا والسياسات بالتهديد او التهميش والفوقية وليس بالإقناع .
وأتى التعيين الانتخابي ليضع في القيادةاشخاصا غير مبدعين غير متمردين , وللوصول الى ذلك التعيين اتبع المخططون في خطاباتهم الحماسية التهويشية نظرية المؤامرة والتخوين والتهميش والاقصاء وتم اتباع سياسة اوثقافة القطيع وهي ثقافة تخلف مدعومة بخطاب اهوج, وتم فرز وتصنيف الحراك فمن وقف معهم دون تفكير فهو ثائر تقي ورع صالح ومن خالفهم فهو عميل خائن زنديق كافرو كل ذلك للتغطية على فشلهم وقصورهم وعجزهم, فأورثونا هزائم وخيبات وخسارة وعثرات وانسونا قيم الحرية والعدالة والكرامة .
الاسلمة والعسكرة نهشا لحم الثورة, العسكرة واقع فرزه النظام بهمجيته ولكن هذا الواقع لم ينظم ولم يخلق له مظلة سياسية تحميه , ولم يستطع المنشقون ان يتحولوا الى جيش وطني قوي بعيدا عن المذهبية والدين .
والاسلمة ساهمت في احجام الكثير من الدول عن تقديم يد العون والمساعدة الى ثورة الشعب السوري خاصة مع الطروحات الطائفية والمذهبية والشعارات المخيفة للغرب التي استخدمت في الحراك.
يتبع ....