عقلية الذعر الأمني لازالت تتحكم بالكثير من السوريين في رومانيا ... ولازال الإنسان السوري مسكون بالرعب ، وباتت من أدبياته والبارادايم* الخاص به ، بعد سنين المرارة السياسية التي تجرعها ، أن يحافظ على هذا الموروث وان لا يفقده !.
الغريب أن بعض من " ثار" ضد النظام في البدايات وحرض على مؤيديه وهددهم وقطع أرزاقهم ، وحرق صور الأسد. متجاوزا جميع مبادئ الاكسلوجيا **، حين دعى إلى ذبح الطوائف الأخرى ومؤيديهم ، ونظم التظاهرات وعبر عن ارائه بطريقة داداية*** ، استعمل فيها الاقتحام والحرق والاستهتار بقوانين البلد المضيف والتهديد والتشبيح ،
واعتلى الأكتاف وبح صوته في الهتافات والمسبات ، وخطط لأعمال التخريب ، وتاجر وجمع أموالا باسم ثوريته المكيافيلية .
هذا الثائر الفائر المقاتل الدنكشوتي تحول اليوم الى مواطن مستقر اخرس ، همه الوحيد بيع بضاعته في دكانته التي كسبها بعرق ثوريته ، وعاد كالقملة المفروكة إلى أحضان النظام عودة ذل وقهر وإذعان ، عودة دون كرامة .
أو ربما عودة من انهى مهمته بنجاح!
والأغرب من ذلك انه هؤلاء الامعات تجار الأخلاق باتوا اليوم يحجون إلى منازل ومحلات وعيادات المؤيدين الذين كانوا يدعونهم يوما ما بالشبيحة!
وبدأوا بالتودد إلى من كانوا يسبونهم بأقذع الألفاظ ! وينتقدون من يتواصل معهم .
وأصبحوا يتمنون ان يتواصلوا مع موظفي السفارة تواصل مقهور منبوذ مذلول .
بل وزادوا في كذبهم وضلالهم وتدليسهم بانهم مؤخرا اصبحوا يتجنبون اللقاء او الحديث مع المعارضين الحقيقيين او من بقي منهم ، تنظيفا لسجلاتهم لدى النظام ، واستعدادا منهم لحجز مكانهم الطبيعي تحت ظل البسطار ، كونهم اشتاقوا لرائحته ، منتظرين أملين في أن يشفع لهم ويدخلون إلى تحته أفواجا .
فتراهم كريمين سخيي اليد في دعم كل نشاط يدعون اليه من قبل السفارة ، يدفعون تذكرة قبولهم مالا وتملقا وذلا وتقبيلا للأرجل وخنوعا وخضوعا وركوعا .
جملة نقد واحدة ضد سوري معارض " سيادة السفير منزعج منه „ تصدر عن أصغر موظف في السفارة السورية ، كافية للكثير من المؤيدين من أصحاب متلازمة ستوكهولم ، والمعارضين العائدين إلى اصلهم وذلهم ،تلك الجملة كافية ليتجنبوا التواصل مع " المعارض المزعج " على مبدا الباب اللي بيجيك منه ريح سده واستريح.
وتسير هذه الرغبة كسير النار في الهشيم فيتبناها ضعاف النفوس، ويتلقفها ضفادع المعارضين فيتفنون في تطبيقها والانصياع لها، كونها أوامر صدرت من الباب العالي . فقسم يمتنع عن القاء التحية ويتجنب اللقاء مع من كانوا رفاق التظاهرات ضد النظام ،
وآخر يحذف صداقته من وسائل التواصل الاجتماعي مع كل من ينتقد النظام ،
وثالث يبين إخلاصه وولائه بالتبرع بنقد " المزعج " وتشويه سمعته واتهامه بالإرهاب ،
ورابع يوصي بتجنبه لأنه رجس وجهادي وصاحب مشاكل وغير مرضي عنه .
واخر يهرب من الاجتماع العلني مع المعارضين او التقاط الصور ضمن الاجتماعات التي يصادف بها وجودهم .في تصور ديستوبي *** غريب .
كان المعارضة اصبحت رجس من عمل الشيطان !
هؤلاء السوريين حكم الرئيس بشار الأسد كثير عليهم، ويجب ان يحكمهم على اكثر تقدير المساعد جميل.
لذلك تنتابني السعادة حين اسمع أن السفير السوري الدكتور „وليد عثمان" رفض لقائهم ، او حين يطنشهم ويعاملهم بما يستحقونه ،
فقد برهنت الأيام انه اكبر منهم جميعا، وانهم يستحقون كل ماجرى لهم ،
وأن ذلهم اليوم هو ثمن لعهرهم في الأمس .. وللقصة بقية!
*البارادايم: (باللاتينية: Paradigma) بأنه (النموذج الفكري) أو (النموذج الإدراكي) أو (الإطار النظري)،هو مجموع ما لدى الإنسان من خبرات ومعلومات ومعتقدات مهمتها رسم الحدود التي يسير داخلها الإنسان وتحديد تصرفه في المواقف المختلفة
** الأكسيولوجيا (بالإنجليزية: Axiologie) وهو العلم الذي يدرس علم القيم المثل العليا والقيم المطلقة ومدى إرتباطها بالعلم وخصائص التفكير العلمى
***داديه:حركه احتجاج فوضويه
**** الديستوبيا هو المكان السيئ الكئيب الذي يوجد فيه الفقر والظلم والمرض .كمصطلح يستخدم خاصة للإشارة إلى مجتمع وهمي (غالبا متواجد في بيئة مستقبلية سيئة) اتجاهاته وغاياته متشائمة ورهيبة