طالب مدرسة عربية في رومانيا ...حالم عاطفي , امتلك مشاعر المراهقة الجياشة تجاه زميلته في الصف المختلط , والتي تبعد عن مكان جلوسه اليومي امتارا قليلة .
كان يـتأمل وجهها المشرق بأنوثة متفجرة , وطريقة مشيتها , وضحكتها وعبوسها . انتفاخ صدرها وتكور ردفيها .
يوما بعد يوم أضحت جزءا من دروسه اليومية يتابع اخبارها وتحركاتها ,
امتلك نحوها كل مشاعر الطفولة البريئة الممزوجة بالمراهقة الصاعدة , واخيرا قرر كسر الحواجز وقرر التعبير عن مشاعره الصادقة بلغة حضارية رومانسية راقية اوربية .فقام بشراء وردة حمراء وخبأها عن الاعين .
وحين خرج الجميع من الصف غافلهم , ووضع الوردة الحمراء على طاولة جلوسها ...وقلبه يخفق حبا واملا تجاهها , وخوفا ورعبا من إدارة المدرسة التي تعتبر هذا التصرف أكبر جريمة يممكن أن تتسبب في طرد صاحبها من المدرسة والمجتمع ,
ولكنه قرر ان يخاطر ويرتكب جريمة التعبير عن المشاعر في الزمان والمكان غير المناسبان !
نظر الى الوردة النائمة على الطاولة وخفقات قلبه تسارعت ويداه ارتجفتا وهرب من غرفة الصف ..
عاد الجميع الى الصف وعادت الفتاة ورأت الوردة , فأعجبت بها (ومن لا تعجيه الورود ولغتها ؟)
ضمتها الى صدرها بفخر , وتباهت امام اقرانها الفتيات بانها تلقت مشاعرا فياضة وهدية ثمينة ,
وردة حمراء من مجهول !
سرعان ما وصل الخبر الى إدارة المدرسة التي تبث عيونها وكاميراتها وجواسيسها ومخبريها في كل مكان ,وفق نظام أمني اعتادت عليه رومانيا أيام العهد الشيوعي, ولازال يسيطر على الكثير من عقول الطلاب العرب الذين تربوا تحت ظلاله وجبروته .
فعقد اجتماع عاجل للقيادة الأمنية للمدرسة , واستنفرت جميع الأجهزة الأمنية المدرسية بمخبريها وجواسيسها
وبدأت التحقيقات المكثفة وجمع المعلومات , وتم اعلان البيان :
هذه الوردة تعد جريمة تربوية واخلاقية , وخاصة ان لونها أحمر . وانها ( الوردة ) مست شرف الفتاة العربية وسمعتها ! واخلاق المدرسة والمدرسات . وكسرت الحواجز الأخلاقية والنفسية لدى الطلاب .
وان صاحبها لم يحترم الاخلاق والأعراف والعادات والتقاليد والدين والقوانين. ولم يحترم مشاعر زملائه وزميلاته , وقدسية الصف ورمزية المدرسة ,
ان هذه الوردة لن تمر مرور الكرام , وسيصبح التاريخ في المدرسة تاريخ ما قبل الوردة وتاريخ ما بعد الوردة . وسيتم طرد طلاب الصف واغلاقه ان لم يتم الكشف عن مرتكبيها .
على مدى أيام خضع الصف والصفان المجاوران الى حملة اعتقالات مؤقته في غرفة المدير ومساعدته ,
وتم تشكيل لجان تحقيق قامت بإجراء تحقيقات عميقة , وتوقفت الحصص الدراسية , واستدعي أولياء الامر للمؤازرة والمشاركة في الكشف عن هذه الجريمة الشنعاء, وكان السؤال على مدى أيام
من ارتكب هذه الجريمة الشنيعة ...؟
وأعلن مدير المدرسة في خطاب ناري وجهه الى الامة الطلابية والتدريسية ان ما حدث كارثة وجريمة شرف , وسيقدم مرتكبها للمقصلة لقطع الفكر المارق واداة جريمته الوردة الحمراء , وما يعكسه هذا اللون من رذيلة وفاحشة .
خلال الأيام اللاحقة إداة الجريمة "الوردة الحمراء " ذبلت ...
ولكن الحادثة لاتزال نضرة والتحقيق لازال ينمو ...
فقد تم فتح جميع حسابات الفيس بوك لطلاب الصف والدخول الى خصوصيات الطلاب ومجموعاتهم على الواتس اب , وتم قراءة كل المحتويات على هواتفهم ومتابعة تفاصيل ذاك اليوم المشؤوم والأيام التي قبله دقيقة بدقيقة .
تم استدعاء جميع المتخصصين العاملين لدى الإدارة من الطلاب والمدرسات وحتى الشغالات .
تم اعادة فحص جميع الكاميرات في المدرسة.
تحولت المدرسة الى فرع أمني من دول العالم الثالث , وتم تهديد الطلاب بالفصل ودفع مستحقاتهم المادية المؤجلة .
صدرت عدة قرارات أمنية للحفاظ على الامن الأخلاقي للمدرسة , تقضي بالسماح بخرق خصوصيات الطالب والتجسس عليه والتحقيق معه والتفتيش في مشاعره وتفكيره عن تلك المشاعر الهدامة لكتمها وقتلها قبل ان تتطور الى وردات !
لعن الله الوردة الحمراء فهي السبب في دكتاتورية الإدارة وكبت المشاعر والحريات .
والحمدلله على نعمة المدارس العربية التي تمكنت من صد اول محاولة للتعبير عن المشاعر وكبدتها خسائر جسيمة .