على باب المخبز وقف “فراس " يتأمل طفلاً صغيراً وهو يضم ربطة خبز إلى صدره كما لو أنه يضم اخا او اختا له بعد طول فراق. يحدق "فراس " بالمشهد وهو يتساءل : كم هو قاس هذا الزمان لتتحول ربطة خبز الى حبيبة تمنح كل هذه السعادة لطفل بلقائها ؟
كم عانى هذا الطفل الصغير ليحصل على هذه الربطة من الخبز ؟
لاشك أنه وقف على الطابور ساعات تحت الشمس الحارقة!
بينما هناك اطفال بعمره في مكان آخر, يشاهدون الآن فلماً أو يسمعون أغنية على الأيباد , أو يركضون ويلعبون في المنتزهات !
كم عدد أفراد العائلة الذين سيطعمهم ان بقي لديه عائلة ؟ وكم هو عدد الأطفال من عمره الذين يهدرون وقتهم وجهدهم وطفولتهم على باب مخبز؟
نظرات "فراس " وتحديق عينيه في ربطة الخبز , أثارت انتباه الطفل الذي مر بجانبه وتجاوزه , ومن ثم التفت الى الوراء , لتلتقي عيناهما ...
أشاح "فراس " عينيه بسرعة , وهم باستكمال مسيرته ماسحا دمعة ذرفها , توقف الطفل لبرهة وعاد أدراجه الى الرجل اقترب منه وقال له :
عمي أتريد خبزا ؟
اذا كنت تشعر بالجوع الشديد , يمكنني أن أعطيك هذه الخبزات , وسأعود لاقف في الطابور , يمكن لإخوتي أن ينتظروا , فقد غادر أخي منذ قليل وأخذ لهم معه ربطة خبز.
لم تستطع عينا "فراس “ احتمال كل هذا الألم فصرختا دموعا, بعد أن عجزت غصة الألم في حنجرته أن تصدر صوتاً.
بكى "فراس " وضم الطفل الصغير الى صدره , فبات يفصل بين جسديهما ربطة خبز .