ربطة خبز وحيدة

قصص
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

بعد عشرين عاما  عادت السيدة "كوكا"  مع أطفالها  إلى بلدها ومسقط رأسها في رومانيا  ,  مخلفة  ورائها عمراً وذكريات , سعادة وأصدقاء , منزلاً وسيارة ,  اعتادت " كوكا " أن تتصل  يوميا باخت زوجها وعائلتها  , لتطمئن على صحتهم , وتستطلع أخبارهم , آملة أن تسمع في يوم ما أن الأحوال قد استقرت ’فتعود إلى حياتها وتعود إليها سعادتها .

في الأيام الأخيرة وصلتها أخبار عن الحصار حول الحي الذي تقطنه أخت زوجها  , وبعد ساعات من المحاولة للتحدث معهم هاتفياً رد عليها " أحمد الصغير" " بسمة العائلة "  كما كانوا يدعونه بسبب خفة ظله وضحكته الجميلة 

كيف صحتك يا أحمد؟ ...

أنا منيح ياخالة ومشتاق لكم ..أنتم برومانيا مبسوطين!

ايه  حبيبي نحن مبسوطين ...

خالة انتم برومانيا عندكم خبز ؟!  ..

نعم حبيبي ..عندنا هنا خبز !

لأني من خمسة أيام لم أذق طعم  الخبز  ...نحن ليس لدينا خبز وأنا مشتاق  آكل ولو كسرة خبزة واحدة .

والدة أحمد أخذت السماعة منه , وعلى ضجة أصوات الرصاص التي تلعلع  فتتقاطع مع  نحيبها .

قالت : لا يوجد لدينا خبز أقدمه للأطفال !   انها الواحدة ظهراً والأطفال لم يتناولوا فطورهم بعد.

زوجي "عبد المنعم " ذهب منذ أيام ليحضر لنا طعاما  ولم يعد .

خرج "عبد المنعم"  ذات صباح من منزله في الحي المحاصر, آملاً أن يعود محملاً بالطعام والدواء لأولاده , وبعد عدة أيام وجدوه في احدى الحدائق بالحي ,ورصاصة قناص اخترقت جسده,   كان يمسك بيده ربطة خبز , كان يأمل أن تصل إلى أطفاله.

جسد عبد المنعم دفن في الحديقة حيث استشهد,  وبقيت ربطة الخبز وحيدة وسط بقعة كبيرة من الدماء .