حكاية امبراطورية صيدلانية تختصر الطموح اللبناني في رومانيا

 هي حكاية اصرار و طموح تخطى الممكن والعادي لشباب لبناني مثقف يحمل شهاداته العليا ،و يتقن فنون التعاطي المؤسساتي  بصدق وشفافية .ولعل الاهم أنه يحمل جينات اجداده من بلاد الأرز الذين حولوا المستحيل واقعا ، فانتشروا في بقاع الارض  ينثرون  علمهم و عملهم بذورا ازهرت في اوطان العالم و ضروبا من المعرفة و النبوغ .

هي حكاية  نجاح لبناني تحول الى امبراطورية طبية تضم اليوم حوالي 430 صيدلية هي)  (  Sensi blu موزعة في العاصمة بوخارست ومثلها في معظم  المدن الرومانية  وتمتد الى  هنغاريا و سلوفاكيا و بولندا  وبلغاريا  تحت مظلة شركة( A&D PHARMA ) .  

ولعل الحكاية بدات  بالصدفة حينما  اوصى احد الاشخاص احد الشركاء الاربعة ،ان يجلب له دواء من فرنسا  و هو نوع من انواع الفيتامين كان مطلوبا  جدا  على ما يبدو، الأمر الذي لفت الشبان الذين كانوا يبحثون حينها عن فرصة للعمل والاستثمار  فتم التواصل مع الشركة  الموزعة .وقد كانت الشهادة التي يحملها الشباب في UPSA   جواز مرورهم  الى عالم الاعمال الواسع   .

(Ecole Supérieures des  Sciences Economiques et Commerciales)

"كنا  في العشرينيات من  العمر- يقول وليد عبود -  وكانت لدينا رغبة شديدة  بالعمل في رومانيا  في فترة ما بعد التحول،  وهو ما حصل بالفعل.  عدنا فحصلنا على وكالة  تلك الشركة التي تملك  انواعا عديدة من الفيتامين  والاسبيرين والبراسيتامول ،وتلك  كانت بداية الرحلة . كرت بعدها سبحة  الوكالات التي حصلنا عليها   كموزعين ومسوقين للكثير من  الادوية والمستحضرات .

ولكن كيف تحقق  النجاح الباهر ؟

 أسال فيجيب عبود  :لقد اعتمدنا تكتيكا خاصا اذ  اننا لم نتوجه للشركات الكبرى  ،بل الى مختبرات وشركات صغيرة ووكالات  متواضعة ،ولكن لديها ادوية ناجحة ومطلوبة  في السوق استطعنا الحصول على وكالاتها  ،ومن هنا كانت الانطلاقة "

 بعد سنوات ثلاث  حصلت  شركة الاصدقاء الاربعة  على وكالات رائجة وبدات بافتتاح  الصيدلية تلو الأخرى من خلال تنوع هام في اسعار الادوية كي تكون في متناول الجميع.

بمعنى أنكم حاربتم انفسكم في السوق؟

يجيب عبود:" صحيح لم يكن لدينا منافسة بالمعنى الحقيقي للكلمة ، وهو ما حصل بالفعل . بدأنا بعدها باستقدام  كميات هائلة  من البضائع  او ما يعرف ب"الهول سال" و استطعنا السيطرة على مداخل السوق".

تمتلك مجموعة( A&d  PHARMA ) عددا واسعا من الصيدليات ،ويعتبر نجاح الفريق مصدر فخر واعتزاز لكل لبناني عابر او مقيم في بلاد البلقان ، لما عرف عنهم من ذكاء وصدق في التعامل  .

 وعما اذا كان هناك  ثمة وصفات جاهزة للنجاح يلخصها عبود بقوله  : لا اعتقد ان هناك سببا واحدا.  بالنسبة لشركاء اربعة كان يكفي ان نكون متفقين  والا نختلف، وهو ما حصل . كان هاجسنا المشاركة الحقيقية بالقرارات  وليس التفرد  ،ناهيك  عن اننا  لم نتشاجر مرة واحدة ،و هذا جيد  وقد استطعنا الغاء "الأنا " في مسألة التفرد بالقرارات،  كما اعتمدنا نظام الكفاءة ايضا  في التوظيف.

عن رومانيا  وما قدمته لهم يقول عبود :رومانيا  فتحت لنا قلبها واعطتنا الفرص لتحقيق الاحلام ،كما اعطتنا الامان والاستقرار  ما جعل الشركة تتوسع لتضم  أربعة آلاف موظف  واكثر.

و عن مفهوم الوطن يقول عبود :"كل فكرة او  مشروع انساني يرتقي بالانسان  هو  وطن. انا في رومانيا روماني، وفي فرنسا فرنسي ،و في لبنان بالطبع  لبناني . ما هو اهم من الجنسية  هو المشروع الانساني الذي تعمل عليه .وبهذا إلإطار  و ضمن المسؤولية المجتمعية التي تقع على عاتقنا عملنا على مساعدة النساء المعنفات و حمايتهم من خلال انشاء مركز تم افتتاحه العام 2002  اسمه ( casa blu  ) اي البيت الأبيض.كما اننا   وضمن المسؤولية ذاتها  نحاول ان ندعم الثقافة على انواعها، وهو ما فطرنا عليه كلبنانيين.  لبنان بلد متقدم جدا و اللبناني مبدع و "عييش" .نتمنى له  كل الخير و الاستقرار وقلوبنا تنبض بحبه  دوما  شخصيا. أتمنى له  ثورة انسانية حقيقية  على كل المفاهيم الخاطئة التي لا تسمح له بأن يكون وطنا حقيقيا ونهائيا لجميع أبنائه ،وان يفكر المسؤولون فيه  بالانسان قبل الطوائف والمصالح الشخصية .على اللبنانيين ان يغيروا ما بانفسهم حتى يتغير ما حولهم .

  وعما اذا كان وطن الاجازات  يقول عبود :" نعشق لبنان  وسنعمل على الاعتزاز دوما بجذورنا ، ولكن لا مجال بالطبع للعمل او الاستثمار  فيه حاليا بسبب الأوضاع الراهنة ،ولكن يظل وطن الاجازات والراحة  وفرصة ومساحة للملمة الاهل والأصدقاء.