فازت المهندسة السورية هبة الراضي بجائزة "إنجازات متميزة رغم الظروف" التي تمنح للعاملين الشباب في المجال الهندسي بالمملكة المتحدة، بعد 4 سنوات من وصولها إلى بريطانيا حاملة معها تجربة اعتقال مريرة عاشتها في سوريا.
تصف الراضي شعورها لحظة إعلان النتائج، أمس الأول، بأنها كانت لحظة من المشاعر المختلطة، التي تتفوق فيها مشاعر الفرح والفخر بما حققته خلال فترة قصيرة من إقامتها في بريطانيا. جائزة "إنجازات متميزة رغم الظروف" قالت المهندسة المعمارية السورية لـ"روزنة" حول الجائزة: إن الجهة التي نظّمت حفل توزيع الجوائز منظمة "Women in construction"،
وهي منظمة مهتمة بالمرأة بالمجال الهندسي بالمملكة المتحدة. "قرر المنظمون لهذا العام إحداث قسم خاص للشباب يضم مختلف فئات الشباب بغض النظر عن الجندر، ولم تقتصر المشاركة على النساء فقط، بشرط أن يكون الشخص المشارك تحت سن 35 عاماً"، أضافت الراضي. وأشارت إلى أن المسابقة كانت تضم في دوراتها السابقة عدة فئات، تتضمن جائزة "أفضل مدير مشاريع صغير" و"أفضل مقاول صغير"،
وغيرها من الفئات العاملة في المجال الهندسي، أضافوا إليها هذا العام الفئة التي حققت من خلالها الفوز بالجائزة وهي "إنجازات متميزة رغم الظروف". ظروف قاسية تعرضت المهندسة الشابة هبة الراضي المنحدرة من محافظة درعا للاعتقال 3 مرات، على يد قوات الأمن التابعة للنظام للسوري، وذلك خلال فترة وجودها في سوريا. تنوعت فترة الاعتقال التي عاشتها خلال مراحل الاعتقال الثلاث، إلا أنها تركت في نفسها أثراً كبيراً نتيجة التعذيب الذي تعرضت له خلال تلك الفترات.
وأوضحت أن الظروف القاسية التي عاشتها في سوريا، والمتمثلة باعتقالها وحرمانها من العمل ضمن اختصاصها وشهادتها الجامعية في هندسة العمارة والتضييق عليها من مختلف النواحي دفعها لاتخاذ قرارها بالهجرة إلى أوروبا. تابعت المهندسة الراضي حديثها: "قررت الهجرة إلى أوروبا بمفردي، وكان القرار وليد اللحظة وبدون تخطيط مسبق، لذلك واجهت معاناة كبيرة حتى تمكنت من الوصول إلى المملكة المتحدة نهاية عام 2019، حاملة في حقيبتي أهم ما أملك، وهي شهادتي الجامعية". حياة جديدة وتحديات بعد وصولها إلى بريطانيا بـ3 أشهر حصلت على الإقامة، وتقدمت إلى وظيفة في الشركة التي تعمل فيها اليوم، حيث اجتازت مقابلة العمل بنجاح، لتبدأ العمل في الشركة مباشرة. تحديات كثيرة كانت تنتظرها، بسبب اختلاف أنظمة البناء بين سوريا وبريطانيا، إلا أنها قالت: "كان التحدي الأصعب بالنسبة لي هو إثبات نفسي في بريطانيا، فأردت أن أثبت لهم أنني قادرة، وأنا أهل لذلك". "طبعاً، مع الدراسة الكافية، والتدريب، والعمل في مجالات هندسية مختلفة ضمن تخصصي تمكنت من أن أفعل شيئاً، والآن هناك حوالي 25 بناء ضمن المملكة المتحدة من تصميمي وتنفيذي"،
قالت المهندسة المعمارية. وتابعت حديثها: "فالشيء الذي بدأ من اعتقال وتعذيب ويأس، انتهى بتكريم على مستوى المملكة المتحدة للإنجازات المتميزة رغم الظروف الشخصية التي مررت فيها". واعتبرت أنها تمثل اليوم المرأة العاملة في المجال الهندسي، والتي أتت من ظروف قاسية جداً، ورغم ذلك فهي تحقق النجاحات المتتالية، مضيفة: "مازال عندي أمل كبير بأن أوصل صوتي وصوت النساء، بأنه لا يوجد شيء يكسرنا، وأن حقوقنا فوق كل شيء". ونوهت إلى أنها تحاول كسر الصورة النمطية عن اللاجئين،
بأن أوضاعهم الصعبة تجعلهم يعيشون على المساعدات معتبرة أن "اللاجئ هي صفة عندما تكون بلدك في حالة حرب، بينما الإنجاز يمكنك أن تحققه مهما كانت ظروفك قاسية". شاركت المهندسة هبة الراضي ضمن سفيرة "أنت قدها" في "روزنة" خلال فترة سابقة، داعية إلى رفع الصوت بوجه الخرافات المتعلقة بـ "غشاء البكارة" وأثرها المؤذي على حياة النساء.