التنمر اللفظي

أداب
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times
ثقافلوجيات...
يميل بعض الأشخاص خلال مشاركاتهم في مواقع التواصل الإجتماعي للدخول في جدال ونقاشات لا يمكن وصفها إلا بالعقيمة،حيث إنها لا تهدف إلى شيء سوى إضاعة الوقت أو جذب الإنتباه لغايات في نفس يعقوب،
بعضهم حرفياً أدمن التنمر اللفظي وإزدراء الآخرين من خلال التعليقات والرموز التعبيرية، أولئك الأشخاص من الصعب عليهم خوض محادثة عادية وودية دون أخذ الحوار نحو خوض نقاش سلبي وعقيم يطغى عليه مزاجهم النزق والحاد ،وهو مؤشر يدل على ضعف إحترام الذات والشهوة المكبوتة إلى البقاء متفوقًا على البقية،لغايات الشهرة أو وشد إنتباه الآخرين، عادة ما يبرع أولئك الأشخاص في تصنيف الآخرين وفق أحكام معلبة وجاهزة وعبارات فضفاضة تظهر عكس من تُبطن بين سطورها، مغلفة بالتهكم و السخرية لمجرد إيذاء مشاعر الآخرين وهذا لا يعزى فقط إلى تدني إحترام الذات بل إلى تضخم الأنا أيضًا ،والذي يؤدي بدوره إلى الغطرسة، والنرجسية، وصعوبة التعامل مع الآخرين،
فترى أحدهم يزبد ويرعد إن قُطع عليه الطريق سريعًا و تم تحجيمه من خلال تجنب الإنخراط في لعبته القائمة على الدخول في حلقة مفرغة من الجدال، إنّ تضخم الأنا كالسجن،الذي يحبس صاحبه داخل نفسه مانعًا إياه من رؤية العالم بوضوح، لأنه كلما تضخمت الأنا قلّت القدرة على التعاطف مع الآخرين،فتضخم الأنا يخلق وهمًا، يظن صاحبه أنه يتحكم بعالم مليء بالإمكانيات،ولكن خلاصة الحكمة تبدأ بمعرفة الذات،و الطريق إلى معرفة الذات يبدأ بخطوة إنكار تلك الذات، حيث إنّ أكبر عقبة تمنع الوصول إلى الرُشد الروحي هي التعلق المبالغ به بالأنا التي هي مثل النار، يمكن لها أن تدفئنا أو تحرقنا،وإذا كان التواضع هو مفتاح السعادة،فإن تحجيم الأنا هو مفتاح التواضع،حيث يكفي إدراك عظمة الكون لمعرفة ضحالة الأنا،وشتان ما بين الأنا الواثقة من جهة والأنا المتضخمة من جهة أخرى.