قيل أن مياه نهر العاصي تصب في نهر التيبر بروما دلالة على تأثير سوريا والسوريون في روما، ذلك لأنه تربع على عرش روما أباطرة من أصل سوري لمدة /56/ عاماً (193-249) ميلادية، وبلغ هذا التأثير أشده بنقل حجر معبد إله الشمس إلى روما، فانتشرت عبادته ودخلت الآلهة السورية في طقوس العبادة الرومانية،
هذا وقد اكتشفت في روما على منحدر جانيكولا آثار ثلاثة أبنية متراكبة، وعثر على كتابات تدشينية باسم الآلهة السورية: حدد، وحدد اكروريتس، وجوبيتير "مالكيبروديس" (ملك يبرود)، وقد عمل هؤلاء الأباطرة على إبراز أهمية سوريا ومكانتها.
الإمبراطور سبتيموس سيفيروس Septimus severus (193-211) ميلادية:قيل انه من أصل فينيقي من أفاميا (قلعة المضيق)، تزوج من جولييت دومنة الحمصية لجمالها وثقافتها (158-217)، وهي ابنة كهنة معبد إله الشمس بحمص، وأخت بابينيان نابغة فن الحقوق، وقد أصبحت سيدة روما تدير شؤون الحكم، وملتقى نخبة من المثقفين الرومانيين في قصرها.
جوليا دومنه: Julia domna
أميرة رومانية من أصل سوري. ولدت في حمص حوالي سنة 158، وهي ابنة كاهن الشمس في حمص، ويدعى باسيانوس، وتزوجها الامبراطور الروماني سبتيموس سفيروس فكانت الزوجة الثانية له، ومنحها لقب (أوغسطا)، وساعدته في تصريف شؤون الدولة، وكان كبير مستشاري الامبراطور قريبا لها، وهو الفقيه (بابينيان).
وصفت بأنها كانت على جانب عظيم من الجمال والعقل والمقدرة السياسية والأدبية فسيطرت على زوجها، وكانت محاطة بعدد من الفلاسفة والمفكرين.
ولما مات زوجها في ساحة المعركة في بريطانيا سنة 211م بقيت مسيطرة على ولديها (كراكلا وغيتا)، وقد خلفا والدهما كإمبراطورين، وكان بلاطها يضم العلماء والأدباء والأطباء، منهم جالينوس الذي جذبته فتنتها وصفاتها.وكانت في انطاكية مرة فوصلها نبأ اغتيال ابنها كراكلا من قبل مكرنيوس قائد الحرب الامبراطوري في مدينة أديسا سنة 217م وخلف الامبراطور في منصبه حاولت الانتحار جوعا وكررت محاولتها حتى نجحت ونقل جثمانها إلى رومة فدفن فيها.
ذكر بعض المؤرخين أن (جوليا دومنه) كانت نادرة الوجود عند السيدات الرومانيات الحقيقيات،
استعانت "جوليا دومنه" بعدد من السوريين، أمثال قريبها الفقيه "بابيان" ثم "أولبيان" و"ديوجين" كاتب التراجم و"ديو كاشيوس" المؤرخ و"فيلو سترات" السفسطائي.
الامبرطور كراكلا Caracalla (211-217) ميلادية:
وهو ابن الامبراطور سبتيموس سيفيروس وجولييت دومنة، استلم الحكم وهو شاب يافع، قتل في الرها بسوريا الشرقية.
ويعد "كارا كالا" من أبرز الأباطرة الرومان الذين تركوا آثاراً اجتماعية هامة، إذ اصدر مرسوم "كارا كالا" الشهير الذي جعل بموجبه جميع سكان روما سواسية يخضعون لقانون واحد ضمن حدود الحرية والحقوق الأساسية التي منحت إليهم. وكان "كارا كالا" يضرب المثل بتواضعه وحسن معاملته للشعب والجنود، فيعيش معهم ويأكل من أكلهم ويستمع إلى طلباتهم ويحل مشاكلهم. ولكنه قتل في حران شمالي سورية وهو في ريعان عمره وفي قمة مجده. ولقد حمل "كارا كالا" هذا الاسم لأنه يرتدي الكاراكال، وهو رداء سوري يشبه العباءة.
خلدت روما ذكرى الإمبراطور "كارا كالا" بالحمامات الكبيرة التي مازالت آثارها قائمة حتى الآن، وهي تمتد على مساحة قدرها أحد عشر هكتاراً، وكانت تتسع لألف وستمائة زائراً، تمارس فيها جميع أنواع الرياضة وتضم مكتبة ضخمة فكانت مركزاً ثقافياً ورياضياً وليس مجرد حمام للاستحمام.
وكانت الحمامات مزينة بالفسيفساء ومكسوة بالرخام المرمر والتماثيل الرائعة، وتحيطها الحدائق والمنتزهات والمرافق الأخرى.
الامبراطور ايلاغابالوس Elagabalus-إله الجبل (218-222) ميلادية:والده من أفاميا (قلعة المضيق)، كان كاهناً في معبد إله الشمس بحمص، انتقلت جدته جوليت مايسة مع شقيقتها جولييت دومنة من سوريا إلى روما، وتمكنت من إقامة حفيدها على العرش، فاغتيل في روما، وكان يجلب العنب والخمور من سوريا، وحاول إنشاء ديانة توفق بين مختلف العقائد حتى تشمل المسيحية.
الامبراطور ألكسندروس سيفيروس Alexandrus severus (222-236)
خلف ابن خالته، كان والده من بلدة عرقة-عكار بشمال لبنان أمه جولييت ماماية
الامبراطور فيليبس العربي الحوراني Marcus Julius Philippus (244-249) ميلاديةأصله من مدينة شهبا بحوران، وكان والده أحد شيوخ العرب رئيسا لقبيلة اتسع نفوذها وازداد عدد أفرادها حتى أصبحت قوة لها دورها في دعم الإمبراطورية الرومانية
كان قائداً في حرب الرومان ضد الفرس، الإمبراطور غورديانوس الروماني الفتي في الحكم (234) إرضاءً لجنود الشرق، ولما اغتيل غورديانوس اعلن فيليبس إمبراطوراً، فخفف الضرائب ونهج نهج الإمبراطور المثالي متمسكاً بالفضائل الرواقية، تميز حكمه بالراحة وقيل انه كان أول قياصرة روما المتنصرين، وسبق الملك قسطنطين الكبير في تنصره، واهتم بتعمير مدينة شهبا-حوران فأقام فيها إنشاءات معمارية، وجهزها بكل المرافق والخدمات
أبولودور
: Apollodore din Damas
وهو معماري ومخطط مدن ، ولد في دمشق سنة 60 م توفي منفياً في 125م.
يعتقد البعض أن هذا الاسم يوناني لكن أبولودور هو دمشقي ولد وعاش تحت سمائها، وغب من مائها، وتغذى بخيراتها، في الفترة الرومانية في سوريا الكبرى.
يأتي الاسم نتيجة الاتصال الكبير والتعايش الطويل بين اليونانيين القدماء، والسوريين الآراميين والأنباط والتدمريين. أبولودور جميل الرجولة. فيه مهابة ذو سمات شرقية واضحة. متين البنية،نبيل القسمات، متوازن الشخصية، جسوراً، قوياً، يتصدى لأصعب المعضلات التقنية والفنية. موهبته المتميزة، والفذة فرضت احترامه على المجتمع الروماني رغم أنه لم يكن ارستقراطياً
.خلال أعمال إصلاح جامع بني أمية الكبير بدمشق ظهرت أحد الأعمدة المنهارة من أنقاض معبد جوبيتير التي تحمل اسم أبولودور. فيما يرجح أن يكون لأبولودور إسهام في تصميم وإنشاء هذا المعبد.
تعود صداقة أبولودور والامبراطور ترجان (ترايان ) الذي حكم روما ما بين العام 98-117م إلى الفترة التي كان فيها والد ترجان والياً على سوريا، و كان ترجان قد عمل محامياً عسكرياً. بنى الجسر العملاق على نهر الدانوب وعمود ترايان في روما
كان أبولودور في الأصل المهندس الحربي للإمبراطور ترايانوس وقد رافقه في حربيه في داكية وبين الحربين الداكيتين الأولى والثانية 104-105م، ووضع تصاميم هذا الجسر وأنشأه على الدانوب عند مضيق بوابات الحديد قرب مدينة دوبريتيDrobeta وبونتسPontes الحالية في رومانيا و كان له الفضل في سيطرة روما على شعب الداشيا ويتضمن شعار الدولة الرومانية حاليا جسر ابولودور
وقد وصف أبولودور هذا الجسر في دراسة له ذكرها المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس.
اعترضت أعمال بناء الجسر إقامة أساسات وركائز في سرير النهر، إذ كان من الغزارة بحيث لا يمكن تحويله. ولكن أبولودور، ولأول مرة في التاريخ، تصدى لمثل هذا العمل الذي يتطلب جسارة تقنية عالية، فنجح في إرساء عشرين ركيزة قوية جداً في لجة النهر، ثم مد الجسر بطول 1097 متراً وبعرض يراوح بين 13 و19 متراً. وكانت فرجة القناطر بين الركائز 35-38متراً. وحصّن طرفي الجسر بالأبراج. وقد أزال الإمبراطور إدريانوس فيما بعد سطح الجسر حتى لا يستخدمه العدو، ثم أصلحه قسطنطينوس في عام 328م، ولاتزال بعض آثاره باقية.