حبا الله السوريون بخصال كثيرة وفضائل نادرة، وخص شعب سوريا برخاء عجيب ف حقبة من تاريخه المجيد في القرون المسيحية الأولى، وخصوصاً الحقبة البيزنطية (337-636)، وهذا الشعب الحي أصيل جريء يحب العظمة ويعشق الفنون ويحلم بالمغامرات،
وقد أدرك عظمة الله وسموه وجماله فأقدم منذ عصور طويلة بقلب قوي وتصميم سليم وعقل سام ونفس طموح على رفع أبنية من دور عبادة وكنائس وأديرة..محكمة الصنع وهندسية التخطيط وفنية الشكل خارقة الجمال، مسخراً الأموال الطائلة ومجنداً قواه وعقله وروحه ليقيم تلك المعابد لمناجاة القلب البشري لذلك الإله المتجسد الذي أحبه فبذل ذاته من اجله.
كان للمسيحيين السوريين شأن عظيم ودور هام وخطير في حضارة والثقافة شرقاً وغرباً، وقد تجلى هذا الدور الحضاري بكونهم جسراً بين اليونان القدامى والغرب، فنقلوا الحضارة بعبقرية فريدة، ونشروا الثقافة بأصالة وجدارة ولاشك أن للرهبان السوريين ولرجال الكنيسة الفضل الأكبر والأعم في هذا المضمار، فقد نبغوا في مجالات الدين والإيمان والروحانيات، وحلقوا في ميادين العلم والثقافة والآداب والفنون، وأصبحوا منارة علم، ومنهل معرفة، وقبس إلهام، ومشعل هداية، وهذا ما سنطلع عليه آنفاً في مجموعة من الباباوات السوريين الذين جلسوا على السدة البابوية في روما.
1-البابا ايفاريستوس (97-105) ميلادية:
هو من أنطاكية، وقيل ان اباه من بيت لحم بفلسطين، أرسل رسالتين إلى كنائس أفريقيا، وأنشأ في روما مجلساً لمؤازرته، هو ما يُسمى اليوم مجمع الكرادلة، وتُنسب إليه حفلة تكريس الأواني المقدسة، استشهد في روما ودُفن قرب قبر القديس الرسول بطرس.
2-البابا انيقيطوس الأول (155-166) ميلادية
:
وُلد في حمص، رسم /9/أساقفة و/17/ كاهناً و/4/ شمامسة، وجّه رسالة إلى أساقفة بلاد الغال منع فيها الإكليريكيين من تطويل شعر رأسهم والعناية به، تُعزى إليه رتبة قص شعر الرأس (بشكل إكليل يدور على الرأس) التي تعد مدخلاً إلى السلك الكهنوتي، كان أول مَنْ حتم على الكهنة لبس الثوب الأسود، حارب بدعة مرقيون (164)(مذهب العرفان) لما زار القديس بوليكربوس (69-155) اسقف أزمير البابا انيقيطوس بحث معه مسألة تاريخ التعييد للفصح المقدس استشهد ودُفن في الفاتيكان، وقيل انه دُفن في ناووس من رخام كان قد دُفن فيه قبله مواطن له من حمص هو الامبراطور سبتيموس سيفيروس الفينيقي الاصل.
3-البابا ثيودورس الأول (642-649) ميلادية:
وُلد في أورشليم القدس، اشتهر بحبه للفقراء، في عهده انعقد المجمع اللتراني (649)، ادخل في روما عيد انتقال السيدة العذراء إلى السماء، توفي ودفن في كاتدرائية القديس بطرس بروما
.
4-البابا يوحنا الخامس (685-686) ميلادية:
وُلد في انطاكية ودرس في روما، نبغ في العلوم، كان شماساً إنجيلياً عندما أرسله البابا اغاثون إلى القسطنطينية قاصداً رسولياً ينوب عنه في ترؤس المجمع المسكوني السادس المنعقد في كنيسة القبة في البلاط الملكي (680-681) ثم انتخب بابا في بازليك القديس يوحنا اللاتراني، نظم شؤون ابرشتين في ايطاليا ورسم /13/ أسقفاً، قبل وفاته أوصى بتوزيع أملاكه على الأديرة والفقراء.
5-البابا سرجيوس الأول (687-701) ميلادية:
اصله من انطاكية، وُلد في مدينة باليرمو بجزيرة صقلية في ايطاليا، نشأ في روما واضطلع بالفن الموسيقي فعلمه في مدارس روما، واهتم بالكنيسة الإنطاكية وبسورية، وساس بروح الحكمة والغيرة والمحبة، يُنسب إليه إدخال عبارة "يا حمل الله الحامل خطايا العالم ارحمنا"، وأعياد السيدة (ميلادها - تقدمتها - بشارتها - انتقالها)، وألف ترانيم شعبية لعيدي القديس بطرس وبشارة والدة الإله، رمم كنائس عدة، ورسم /92/ اسقفا، لم يوافق على مجمع القسطنطينية (692
).
6-البابا سيسينيوس (15/1-4/2/708) ميلادية:
من اصل سوري، اصيب بداء النقرس، بنى لأهل روما اتاتين (جمع اتون) لترمين اسوار المدينة تحصيناً لها من هجمات اللومبرديين المستمرة، تولى السلطة مدة /20/ يوماً.
7-البابا قسطنطين الاول (708-715) ميلادية:
وُلد في سورية، دعاه الملك يوستينيانوس الى القسطنطينية ليُعيد البحث في الأنظمة الكنسية التي اقرها مجمع (692) واستقبله قرب المدينة وركع إلى الأرض وقبّل قدميه، فدرجت هذه العادة منذ ذلك الحين "عادة تقبيل قدمي البابا"، وبعد سنة قفل البابا راجعاً إلى روما، فكانت الزيارة الأخيرة التي يقوم بها بابا روما إلى الشرق، قبل حج البابا بولس السادس إلى القدس (1964)، ادخل عادة "تقبيل القدم المقدسة لتمثال القديس بطرس"، المصنوع من البرونز دلالة على الطاعة.
8-البابا غريغوريوس الثالث (731-741) ميلادية:
وُلد في فينيقية سورية، عقد مجمعاً في كنيسة القديس بطرس (731) ضد محاربي الأيقونات ضم /193/ أسقفاً فتقرر فيه واجب وحق تكريم الأيقونات، حرم الملك البيزنطي لاون المحارب الأيقونات، من مآثره بناء مُصلّى في كاتدرائية القديس بطرس وتزيينه بالصور، وإنشاء دير كبير، وترميم أسوار مدينة روما القديمة، رسم /80/ أسقفاً، منع الأرامل من أن يتزوجن مرة ثالثة من حياتهن، أسعف الأرامل واليتامى، برز واعظاً فصيحاً، وجمع إلى الحكمة معرفة الكتب المقدسة، وتضلع في العلوم والآداب اليونانية واللاتينية، اشتهر بقداسته.
زنوبيا التدمرية التي طالبت بعرش روما
أثبتت الحفريات في تدمر وفي محيطها "بادية الشام" بأنها كانت منطقة مسكونة منذ الألف السابعة قبل الميلاد. وظهر اسمها على مسرح التاريخ على لوح مسماري آشوري في العام ألفين قبل المسيح، باسم تدموريم،
ويختلف اللغويون في أصل تدمر ابتداءً من "تمر" حيث تشتهر زراعة النخيل بها، ويتطابق هذا مع اسمها اليوناني والروماني "بالميرا" المشتق من "بالما" أي النخيل. وهناك من يشتقها من "تطمر" أي كنوز، لما لتدمر من سرية وألغاز أو "ذمر" أي الحراسة. والمتنبي اشتق اسمها من "دمار". كما عزا النابغة بنائها للجن على عهد سليمان وبلقيس.
وهناك رسالتان من عهد حمورابي تذكران تدمر عام 1800 قبل الميلاد، حيث وجدت رسالة من مسكنه على الفرات، وذكرت رسالة أخرى أسماء ثلاثة من سكانها وختم أحدهم عليها.
ثم نعود لنسمع بتدمر في العام 1100 في عهد ملك آشور "تغلات فلاصر الأول". أما سكان تدمر، ومن خلال الدراسات، فهم عموريين، وآراميين وعرب في عهد زنوبيا.
بعد تأسيس الإمبراطورية السلوقية في سورية كانت تدمر في عصرها الذهبي لامتلاكها خطوط تجارة مزدهرة، ولاستفادة كل القوى الكبرى في ذلك العصر من خدمات تدمر،.
هذا الغنى الذي بدأ بالتزايد أثار أطماع جيرانها الفرس من الشرق، والرومان من الغرب والشمال. ولكنها استطاعت أن تلعب على تناقضات القوتين لتبقى حيادية وتزيد نمواً وغنى حتى العام 41 قبل الميلاد،
الموعد الشهير للقاء كليوباترا ومارك أنطون، والذي سمع بغنى تدمر الأسطوري، فأراد الاستيلاء على كنوزها ليقدمها هدية لمعشوقته. فأرسل خيالته للإستيلاء على كنوز الهند وفارس والعربية المخزنة في تدمر، والمعدة للتصدير إلى أرجاء الإمبراطورية الرومانية. ولكن التدمريون علموا من عيونهم المبثوثة في كل أنحاء الإمبراطورية الرومانية بأمر الحملة في الوقت المناسب. فقاموا بإخلاء تدمر تماماً من سكانها، وكنوزها، ومن كل ما يؤكل أيضاً، وخزنوها في قلاع لهم شرقي الفرات، ووقفت الخيالة والنبالة التدمرية على الضفاف الشرقية للفرات للدفاع. فما كان من خيالة مارك أنطون إلا الإنكفاء عن المدينة الخالية بيأس وبسرعة غير معقولة لنقص الفادح في الغذاء حيث استعمل التدامرة للمرة الأولى في التاريخ سياسة الأرض المحروقة في صراعهم الأول مع روما.
لقد وصفها المؤرخ الروماني بلينيوس الكبير، بالمدينة الفريدة في موقعها، المحصن، الصحراوي، وفي غناها، وفي مياهها، يحد حقولها رمل الصحراء من كل الجهات، والتي استطاعت الاستقلال من خلال الوقوف على الحياد بين الفرس شرقاً والروم غرباً،
ورغم أن سورية أصبحت جزءاً من الإمبراطورية الرومانية إعتبارا من العام 64 قبل الميلاد. إضافة للإستقلال كعامل لازدهار تدمر، هناك نظام الحكم حيث يدفع التجار ضرائب الدخل لخزينة تدار من قبل برلمان ينتخب من الممولين أو التجار، فتمول الجيش المؤلف من هجانة على جمال سريعة، تعرف الصحراء السورية بشكل جيد يمنع أي هجوم مباغت على تدمر من أي جهة، وفرسان مجريون ونبالة مشهورين. إضافة إلى تمويل جيوش مرتزقة بشكل سريع أثناء الأزمات، كما كان الحال في قرطاجة. إضافة لتمويل إنشاء وصيانة المباني والشوارع وكذلك حراسة القوافل. وينتخب البرلمان رأس تدمر، وهو عادة من أحد أشهر البيوتات التجارية. وكان "بعل" إله تدمر الخاص، إضافة إلى "اللات" أم العالم، و "بعل شمين" رب السماء، والرحيم وشمس ونبو. وأصبح طريق الحرير احتكار تدمري من الصين والهند وقارس شرقاً، إلى الخليج العربي والبحر الأحمر جنوباً، حيث تتجمع البضائع في تدمر ومن هناك إلى أنحاء العالم غربي تدمر، بما لها من ممثلين في هذه الأقطار واستراحات على طول الطرق وحراسة القوافل مما وفر الأمن وحاجة الممالك القائمة والمحيطة بتدمر لخدماتها أتاحا لها استقراراً وازدهاراً مما فتح شهية تدمر للعب دوراً أكبر مما لها
حتى ذلك الحين.
بدأت تدمر تؤثر بالحضارة اليونانية الرومانية وتتأثر بها إضافة للحضارة الهلينيستية اليونانية الفارسية، وأصبح لتدمر نمظ فني وفكري خاص بها.
وعندما حاصر تيتوس القدس في العام 70 ميلادية، كان هناك ثمانية آلاف نبال تدمري في جيشه، كما يذكر التلمود.
وكان هناك عدداً مماثلاً في جيش ترايان الروماني في العام 100 ميلادية ويقال ان هناك 3000 جندي تدمري استقروا في رومانيا بعد انتصار ترايان في حربه على الداشيا و قد يكون الرومان اليوم يحملون مورثات اجدادهم السوريين .
وتم الاتفاق مع الرومان على أن تدفع تدمر جزءاً من الضرائب لروما، على أن تسمح روما وتضمن لتدمر التجارة في أرجاء الإمبراطورية وتضمن أمنها. وفي العام 129 زار الإمبراطور هادريان تدمر فأعطاها لقب المدينة الحرة، مما أعفاها من الضرائب على أن تشارك تدمر في حراسة حدود روما الشرقية.
وابتداء من العام 200، دخلت تدمر في عصرها الذهبي، حيث امتدت تجارة تدمر من الصين حتى إيطاليا، وتوسعت تدمر بالبناء والغنى. وعندما اعتلت عائلة سيفير السورية، من العام 193 حتى 235 عرش روما، أعطى أباطرتها تدمر كل تسهيل ممكن لتوسع تجارتها، ووصل تأثيرها لروما نفسها،
حيث عبدت هناك الآلهة التدمرية إلى جانب آلهة حمص مسقط رأس هذه العائلة، فسبتيموس سييزوس تزوج جوليا دومنا، ابنة كاهن حمص، ثم أصبح ابنها كاراكلا امبراطوراً في العام 211 حتى 217، حيث منحا حمص وتدمر صفة المواطنة والحقوق الرومانية مما ساعد تدمر على أن تصبح من أكبر مدن الشرق ولكن الأغنى والأقوى. في العام 228 تسلقت العائلة الساسانية عرش فارس، وقام اردشير مؤسسها باحتلال شط العرب مما حرم تدمر من طريق الخليج العربي.
ولأن تدمر شعرت بأن ما حدث كان باتفاق مع الرمان، ولتنقذ تجارتها، خطت تدمر خطوة الاستقلال التام عن روما. هنا لعبت عائلة عربية اعتلت قيادة تدمر الدور الكبير في هذا الاتجاه، ففي العام 251 انتخبت تدمر راش تدمر (رأس تدمر) المدعو حيران بن أذينة الذي منحه الإمبراطور سيفيروس لقب أمير قبل ثلاثين عاماً. وفي العام 158، أصبح أذينة بن حيران قنصل وسماه الإمبراطور فاليريان حاكم سورية، وبعد عام هزم الملك الفارسي شابور فاليريان وأسره مما أثار حفيظة أذينة الذي استطاع تشتيت جيوش الفرس وملاحقتهم حتى عاصمتهم طيسفون على دجلة فكافئه الإمبراطور جالينيوس خليفة فاليريان بلقب دوكس رومانوكوس أي رئيس أركان الجيوش الرومانية ثم لقب والي عموم الشرق ثم أخيراً منحه لقب امبراطور ليحتفظ جالينيوس بلقب أوغوسطوس فقط، ولكن أذينة لقب نفسه بملك الملوك أيضاً، مجرداً الملك شابور منه حيث هزمه في عدة معارك، بعد هزيمة فيلق روماني بقيادة (باليستا وتويتو) المعارضين لسياسته. ثم وسع مملكته شمالاً بوصوله إلى كبادوكيا.
وعند عودته إلى حمص تعرض للإغتيال، فخلفه ابنه وهب اللات وارثاً مملكته وألقابه، حيث قادت زنوبيا، أمه وزوجة أذينة، تدمر باسم ابنها القاصر.
لم تلعب زنوبيا في حياة زوجها أذينة، الذي بنى أمبراطورية قوية غنية مستقلة ومترامية الأطراف بدون أن يهدد مصالح روما، أي دور يذكر. ولكن مع الأيام ستثبت قوة شخصية وطموح نادرين لدى زنوبيا، وتحليها بأخلاق عالية مع وعي سياسي بدور تدمر بين القوتين العظمتين، روما وفارس. كانت عالية الثقافة، تتحدث إضافة للآرامية التدمرية الممزوجة بالكثير من العربية، واليونانية، والقبطية (لغة مصر آنذاك). كانت تهوى التاريخ والفلسفة ما يفسر ارتباطها برئيس كهنة انطاكية المؤرخ بولس السميساطي ومع لونجين الفيلسوف اليوناني ومستشارها، كانت فارسة بارعة وتتحدث لشعبها كإمبراطورة، لابسة الخوذة، ومتلفعة بالأرجوان. وصفها المؤرخون بأجمل وأنبل امرأة في الشرق، بل وفي زمانها.
هذه الصفات والدور الذي لعبته في سياسة تدمر وبالتالي تأثيرها على أكبر قوتين روما وفارس جعلها أشهر نساء التاريخ. وأصبحت أسطورة وملهمة في آداب الشرق كما في الغرب. إحتفظ ابنها القاصر بكل ألقاب والده، واكتفت هي كحاكمة فعلية لمملكة تدمر بلقب ملكة. ويبدو أنها رفعت سقف تطلعاتها وطالبت بعرش روما لابنها، حيث منح في العام 270 لقب اوغوسطوس مما أثار حفيظة فاليريان وخوفه، ولكنه لم يتحرك، ولكن عندما فتحت جيوش تدمر مصر وضمنت طرق تجارتها إلى الهند في البحر الأحمر، تحرك أورليان بعد حروبه مع قبائل الجرمان ليضع نهاية لتدمر.
تراجعت جيوش تدمر من خالكيدون ثم من انكيرا (أنقرة) لتتجمع على أبواب طوروس لبعض الوقت ولكن أورليان خطا خطوة سريعة باجتيازه طوروس، فتراجع القائد زبدى ليلتقي مع زنوبيا وجيشها في إنطاكية، ولكن فاليريان استطاع الاستيلاء على المدينة.
تراجعت جيوش تدمر إلى حمص حيث أعلنت زنوبيا ابنها امبراطوراً على روما، مطالبة بكل الإمبراطورية الرومانية، وسكت النقود في حمص وفي الإسكندرية في هذه المناسبة، واصفة وهب اللات بالأوغسطس إضافة للقب الإمبراطور. قطع هذا الفعل كل أمل في تسوية محتملة مع فاليريان. انتصرت تدمر في حمص على الرومان، ولكن الإمدادات السريعة والكثيفة للرومان وتوجه بعضها نحو تدمر، دفعت بزنوبيا لإخلاء حمص والتراجع إلى تدمر للدفاع عنها. قدم فاليريان للآلهة السورية الأضاحي والهدايا، فهي كانت تعيد في روما مثل ايل أجابال (إلهة الجبال) بعد أسبوع في مسيرته في اتجاه تدمر وتعرضه لحرب صحراوية مع قبائل بدوية متحالفة مع تدمر، وصلها فاليريان ليحاصرها.
أرسل فاليريان الرسل إلى شابور الساساني، واشترى بعض القبائل بالذهب، وانتصر على أخرى، وأحكم الحصار لتنقسم تدمر بين مؤيد للحرب في سبيل الاستقلال ومعارض طالباً السلم.
تعرض الرومان لوابل النبالة التدمرية والمقاليع وللكثير من المهانة. أرسل فاليريان عارضاً الصلح مع شروط استسلام، رفضت تماماً من زنوبيا. وعندما تعرض فاليريان فيما بعد في روما للهزء منه في مناسبة الإحتفال بانتصاره على امرأة. أجاب: آه، لو تعرفون أي امرأة كانت تلك التي انتصرت عليها. ولكن ماذا كان التاريخ سيقول لو انتصرت علىَّ تلك المرأة.
إعتقل الرومان زنوبيا أثناء محاولتها مع عدد من الحرس الوصول إلى شابور لطلب النجدة، وانقسمت تدمر إلى أن تمَّ تسليمها للرومان في أيلول/سبتمبر 272. دخل فاليريان تدمر رافضاً نهبها أو تدميرها، ولكنه استولى على كنوزها وأسر مستشارو الملكة وكبار قادة الحرب، وترك فيها حامية وانطلق ليحتفل بانتصاره في روما. وفي حمص قتل الكثير من حلفاء زنوبيا وقادتها، بينهم الفيلسوف لونجين. في مصر، وبعد تراجع الجيوش التدمرية لحرب الرومان، استولى على الحكم فيها أحد أنصار زنوبيا المسمى عُذر باطور.